المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
الرجل إذا بادر أمره من لدن طلوع الشمس وتتمادى البكرة شيئا بعد طلوع الشمس يقال أبكر الرجل وبكر فمن الأول قول ابن أبي ربيعة (أمن آل نعمى أنت غاد فمبكر *) الطويل ومن الثاني قول جرير (ألا بكرت سلمى فجد بكورها * وشق العصا بعد اجتماع أميرها) الطويل وقال مجاهد في تفسير * (الإبكار) * أول الفجر والعشي ميل الشمس حتى تغيب سورة آل عمران 42 - 43 قال الطبري العامل في * (إذ) * قوله * (سميع) * فهو عطف على قوله * (إذ قالت امرأة عمران) * آل عمران 35 وقال كثير من النحاة العامل في * (إذ) * في هذه الآية فعل مضمر تقديره واذكر وهذا هو الراجح لأن هذه الآيات كلها إنما هي إخبارات بغيب تدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مقصد ذكرها هو الأظهر في حفظ رونق الكلام وقرأ عبد الله بن عمر وابن مسعود وإذ أنه قال الملائكة واختلف المفسرون هل المراد هنا بالملائكة جبريل وحده أو جمع من الملائكة وقد تقدم القول على معنى مثلها في قوله تعالى * (فنادته الملائكة) * آل عمران 39 و * (اصطفاك) * مأخوذ من صفا يصفو وزنه افتعل وبدلت التاء طاء التناسب الصاد فالمعنى تخيرك لطاعته وقوله تعالى * (وطهرك) * معناه من كل ما يصم النساء في خلق أو خلق أو دين قاله مجاهد وغيره وقال الزجاج قد جاء في التفسير أن معناه طهرك من الحيض والنفاس قال الفقيه أبو محمد وهذا يحتاج إلى سند قوي وما أحفظه وقوله تعالى * (واصطفاك على نساء العالمين) * إن جعلنا * (العالمين) * عاما فيمن تقدم وتأخر جعلنا الاصطفاء مخصوصا في أمر عيسى عليه السلام وأنها اصطفيت لتلد من غير فحل وإن جعلنا الاصطفاء عاما قوله تعالى * (العالمين) * مخصوصا في عالم ذلك الزمان قاله ابن جريج وغيره وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أنه قال (خير نساء الجنة مريم بنت عمران وخير نساء الجنة خديجة بنت خويلد) وروي عنه أنه أنه قال (خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد) فذهب الطبري وغيره إلى أن الضمير في قوله نسائها يراد به الجنة وذهب قوم إلى أنه يراد به الدنيا أي كل امرأة في زمانها وقال النبي صلى الله عليه وسلم (خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه إلى زوج في ذات يده) وقال أبو هريرة راوي الحديث ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط وهذه الزيادة فيها غيب فلا يتأول أن أبا هريرة رضي الله عنه قالها إلا عن سماع من النبي صلى الله عليه وسلم
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»