المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤١٧
والمنافقون هيهات وكذبوا ذلك واختلف النحويون في تركيب لفظة * (اللهم) * بعد إجماعهم على أنها مضمومة الهاء مشددة الميم المفتوحة وأنها منادى ودليل ذلك أنها لا تأتي مستعملة في معنى خبر فمذهب الخليل وسيبويه والبصريين أن الأصل يالله فلما استعملت الكلمة دون حرف النداء الذي هو يا جعلوا بدل حرف النداء هذه الميم المشددة والضمة في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد وذهب حرفان فعوض بحرفين ومذهب الفراء والكوفيين أن أصل * (اللهم) * يا لله أم أي أم بخير وأن ضمة الهاء هي ضمة الهمزة التي كانت في أم نقلت ورد الزجاج على هذا القول وقال محال أن يترك الضم الذي هو دليل على نداء المفرد وأن تجعل في اسم الله ضمة أم هذا إلحاد في اسم الله تعالى قال القاضي أبو محمد وهذا غلو من الزجاج وقال أيضا إن هذا الهمز الذي يطرح في الكلام فشأنه أن يؤتى به أحيانا كما قالوا ويلمه في ويل أمه والأكثر إثبات الهمزة وما سمع قط يالله أم في هذا اللفظ وقال أيضا ولا تقول العرب ياللهم وقال الكوفيون إنه قد يدخل حرف النداء على * (اللهم) * وأنشدوا على ذلك (وما عليك أن تقولي كلما * سبحت أو هللت ياللهم ما) (أردد علينا شيخنا مسلما *) الرجز قالوا فلو كانت الميم عوضا من حرف النداء لما اجتمعا أنه قال الزجاج وهذا شاذ لا يعرف قائله ولا يترك له ما في كتاب الله وفي جميع ديوان العرب أنه قال الكوفيون وإنما تزاد الميم مخففة في فم وابنم ونحوه فأما ميم مشددة فلا تزاد أنه قال البصريون لما ذهب حرفان عوض بحرفين ومالك نصب على النداء نص سيبويه ذلك في قوله تعالى * (قل اللهم فاطر السماوات والأرض) * الزمر 46 وقال إن * (اللهم) * لا يوصف لأنه قد ضمت إليه الميم أنه قال الزجاج ومالك عندي صفة لاسم الله تعالى وكذلك * (فاطر السماوات) * أنه قال أبو علي وهو مذهب أبي العباس وما أنه قال سيبويه أصوب وذلك أنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد * (اللهم) * لأنه اسم مفرد ضم إليه صوت والأصوات لا توصف نحو غاق وما أشبهه وكأن حكم الاسم المفرد أن لا يوصف وإن كانوا قد وصفوه في مواضع فلما ضم هنا ما لا يوصف إلى ما كان قياسه أن لا يوصف صار بمنزلة صوت ضم إلى صوت نحو حيهل فلم يوصف أنه قال النضر بن شميل من أنه قال * (اللهم) * فقد دعا الله بجميع أسمائه كلها وقال الحسن * (اللهم) * مجمع الدعاء وخص الله تعالى * (الخير) * بالذكر وهو تعالى بيده كل شيء إذ الآية في معنى دعاء ورغبة فكأن المعنى * (بيدك الخير) * فأجزل حظي منه وقيل المراد * (بيدك الخير) * والشر فحذف لدلالة أحدهما على الآخر كما أنه قال * (تقيكم الحر) * النحل 81 أنه قال النقاش * (بيدك الخير) * أي النصر والغنيمة فحذف لدلالة أحدهما وقال ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي وابن زيد في معنى قوله تعالى * (تولج الليل في النهار) * الآية أنه ما ينتقص من النهار فيزيد في الليل وما ينتقص من الليل فيزيد في النهار دأبا كل فصل من السنة وتحتمل ألفاظ الآية أن يدخل فيها تعاقب الليل والنهار كأن زوال أحدهما ولوج في الآخر
(٤١٧)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»