الضمير في * (أرادا) * للوالدين و * (فصالا) * معناه فطاما عن الرضاع ولا يقع التشاور ولا يجوز التراضي إلا بما لا ضرر فيه على المولود فإذا ظهر من حاله الاستغناء عن اللبن قبل تمام الحولين فلا جناع على الأبوين في فصله هذا معنى الآية وقاله مجاهد وقتادة وابن زيد وسفيان وغيرهم وقال ابن عباس لا جناح مع التراضي في فصله قبل الحولين وبعدهما قال القاضي أبو محمد وتحرير القول في هذا أن فصله قبل الحولين لا يصح إلا بتراضيهما وأن لا يكون على المولود ضرر وأما بعد تمامهما فمن دعا إلى الفصل فذلك له إلا أن يكون في ذلك على الصبي ضرر وقوله تعالى * (وإن أردتم أن تسترضعوا) * مخاطبة لجميع الناس تجمع الآباء والأمهات أي لهم اتخاذ الظئر مع الاتفاق إلى ذلك وأما قوله تعالى " إذا أسلمتم " فمخاطبة للرجال خاصة إلا على أحد التأويلين في قراءة من قرأ * (آتيتم) * وقرأ الستة من السبعة * (آتيتم) * بالمد المعنى أعطيتم وقرأ ابن كثير * (آتيتم) * بمعنى ما جئتم وفعلتم كما أنه قال زهير (وما كان من خير أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل) الطويل قال أبو علي المعنى إذا سلمتم ما أتيتم نقده أو إعطاءه أو سوقه فحذف المضاف وأقيم الضمير مقامه فكان التقدير ما أتيتموه ثم حذف الضمير من الصلة قال القاضي أبو محمد ويحتمل اللفظ معنى آخر قاله قتادة وهو إذا سلمتم ما أتيتم من إرادة الاسترضاع أي سلم كل واحد من الأبوين ورضي وكان ذلك عن اتفاق منهما وقصد خير وإرادة معروف من الأمر وعلى هذا الاحتمال فيدخل في الخطاب ب * (سلمتم) * الرجال والنساء وعلى التأويل الذي ذكره أبو علي وغيره فالخطاب للرجال لأنهم الذين يعطون أجر الرضاع أنه قال أبو علي ويحتمل أن تكون " ما " مصدرية أي إذا سلمتم الإتيان والمعنى كالأول لكن يستغنى عن الصنعة من حذف المضاف ثم حذف الضمير أنه قال مجاهد المعنى إذا سلمتم إلى الأمهات أجرهن بحساب ما أرضعن إلى وقت إرادة الاسترضاع وقال سفيان المعنى إذا سلمتم إلى المسترضعة وهي الظئر أجرها بالمعروف وباقي الآية أمر بالتقوى وتوقيف على أن الله تعالى بصير بكل عمل وفي هذا وعيد وتحذير أي فهو مجاز بحسب عملكم قوله عز وجل " والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " قال بعض نحاة الكوفيين الخبر عن * (الذين) * متروك والقصد الإخبار عن أزواجهم بأنهن يتربصن ومذهب نحاة البصرة أن خبر * (الذين) * مترتب بالمعنى وذلك أن الكلام إنما تقديره يتربص أزواجهم وإن شئت قدرته وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن فجاءت العبارة في غاية الإيجاز وإعرابها مترتب على
(٣١٣)