المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢١٠
لزمان كأنه أنه قال وقتا قليلا أو زمنا قليلا و * (المصير) * مفعل كموضع من صار يصير وبيس أصلها بئس وقد تقدمت في بيسما وأمتعه معناه أخوله الدنيا وأبقيه فيها بقاء قليلا لأنه فان منقض وأصل المتاع الزاد ثم استعمل فيما يكون آخر أمر الإنسان أو عطائه أو أفعاله أنه قال الشاعر سليمان بن عبد الملك (وقفت على قبر غريب بقفرة * متاع قليل من حبيب مفارق) الطويل ومنه تمتيع الزوجات ويضطر الله الكافر إلى النار جزاء على كفره سورة البقرة 127 - 129 المعنى واذكر إذ و * (القواعد) * جمع قاعدة وهي الأساس وقال الفراء هي الجدر قال القاضي أبو محمد وفي هذا تجوز والقواعد من النساء جمع قاعد وهي التي قعدت عن الولد وحذفت تاء التأنيث لأنه لا دخول للمذكر فيه هذا قول بعض النحاة وقد شذ حذفها مع اشتراك المذكر بقولهم ناقة ضامر ومذهب الخليل أنه متى حذفت تاء التأنيث زال الجري على الفعل وكان ذلك على النسب و * (البيت) * هنا الكعبة بإجماع واختلف بعض رواة القصص فقيل إن آدم أمر ببنائه فبناه ثم دثر ودرس حتى دل عليه إبراهيم فرفع قواعده وقيل إن آدم هبط به من الجنة وقيل إنه لما استوحش في الأرض حين نقص طوله وفقد أصوات الملائكة أهبط إليه وهو كالدرة وقيل كالياقوتة وقيل إن البيت كان ربوة حمراء وقيل بيضاء ومن تحته دحيت الأرض وإن إبراهيم ابتدأ بناءه بأمر الله ورفع قواعده والذي يصح من هذا كله أن الله أمر إبراهيم برفع قواعد البيت وجائز قدمه وجائز أن يكون ذلك ابتداء ولا يرجح شيء من ذلك إلا بسند يقطع العذر وقال عبيد بن عمير رفعها إبراهيم وإسماعيل معا وقال ابن عباس رفعها إبراهيم وإسماعيل يناوله الحجارة وقال علي بن أبي طالب رفعها إبراهيم وإسماعيل طفل صغير قال القاضي أبو محمد ولا يصح هذا عن علي رضي الله عنه لأن الآية والآثار ترده * (وإسماعيل) * عطف على * (إبراهيم) * وقيل هو مقطوع على الابتداء وخبره فيما بعد أنه قال الماوردي * (إسماعيل) * أصله اسمع يا إيل
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»