أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
وقد بينا حكم النياحة وما يتعلق بها من الأعمال المكروهة فيما تقدم فلا وجه لإعادتها الآية الثالثة قوله تعالى (* (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) *) الآية 14 فيها ست مسائل المسألة الأولى قد بينا العداوة ومقابلتها الولاية في كتاب الأمد الأقصى وغيره وحققنا أن الولاية هي القرب وأن العداوة هي البعد وأوضحنا أن القرب والبعد يكونان حقيقة بالمسافة وذلك محال في حق الإله ويكونان بالمودة والمنزلة وذلك جائز في حق الإله وكلا الوجهين يجوز على الخلق والمراد بالعداوة ها هنا بعد المودة والمنزلة فإن الزوجة قريب والولد قريب بحكم المخالطة والصحبة ولكنهما قد يقربان بالألفة الحسنة والعشرة الجميلة فيكونان وليين وقد يبعدان بالنفرة والفعل القبيح فيكونان عدوين وعن هذا أخبر الله سبحانه ومنه حذر وبه أنذر المسألة الثانية ثبت عن ابن عباس من طريق الترمذي وغيره أنه سأله رجل عن هذه الآية (* (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) *) قال هؤلاء رجال اسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي وأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي فلما أتوا رسول الله ورأوا الناس فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم فأنزل الله عز وجل (* (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) *)
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»