وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) الآية 55 فيها خمس مسائل المسألة الأولى في سبب نزولها روي أن بعض أصحاب النبي شكا إليه ما هم فيه من العدو وتضييقه عليهم وشدة الخوف وما يلقون من الأذى فنزلت هذه الآية بالوعد الجميل لهم فأنجزه الله وملكهم ما وعدهم وأظهرهم على عدوهم وروى أبو العالية قال مكث النبي عشر سنين خائفا يدعو الله سرا وجهرا ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فمكث بها وأصحابه خائفين يصبحون في السلاح ويمسون فقال رجل ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح فقال النبي كلمة معناها لا تعبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم من الملأ العظيم محتبيا ليس بيده حديدة وأنزل الله هذه الآية المسألة الثانية قال مالك نزلت هذه الآية في أبي بكر وعمر (* (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات) *) إلى آخرها وقال علماؤنا هذه الآية وعد حق وقول صدق يدل ذلك على صحة إمامة الخلفاء الأربعة لأنه لم يتقدمهم أحد في الفضيلة إلى يومنا هذا فأولئك مقطوع بإمامتهم متفق عليهم وصدق وعد الله فيهم وكانوا على الدين الذي ارتضى لهم واستقر الأمر لهم وقاموا بسياسة المسلمين وذبوا عن حوزة الدين فنفذ الوعد فيهم وصدق الكلام فيهم وإذا لم يكن هذا الوعد بهم ينجز وفيهم نفذ وعليهم ورد ففيمن يكون إذن وليس بعدهم مثلهم إلى يومنا هذا ولا يكون فيما بعده قام أبو بكر بدعوة الحق واتفاق الخلق وواضح الحجة وبرهان الدين وأدلة اليقين فبايعه
(٤٠٩)