المسألة الأولى قوله تعالى (* (وأذن) *)) تقدم بيان (* (وأذن) *) في سورة براءة وأوضحنا أن معناه أعلم وأن الله أمر نبيه إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج وذلك نص القرآن واختلفوا في كيفية النداء كيف وقعت على قولين أحدهما أنه أمر به في جملة شرائع الدين الصلاة والزكاة والصيام والحج حسبما تمهدت به ملة الإسلام التي أسسها لسانه وأوضحها ببيانه وختمها مبلغة تامة بمحمد في زمانه الثاني أن الله أمره أن يرقى على أبي قبيس وينادي أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فلم تبق نفس إلا أبلغ الله نداء إبراهيم إليها فمن لبى حينئذ حج ومن سكت لم يكن له فيه نصيب وربنا على ذلك مقتدر فإن صح به الأثر استمر عقيدة واستقر وإلا فالأول يكفي في المعنى المسألة الثانية قوله (* (يأتوك رجالا) *)) قال أكثر فقهاء الأمصار لا يفترض الحج على من ليس له زاد ولا راحلة وهي الاستطاعة حسبما تفسر في حديث الجوزي وقد بينا ذلك كله في سورة آل عمران فلا وجه لإعادته بيد أن هذه الآية نص في أن حال الحاج في فرض الإجابة منقسمة إلى راجل وراكب وليس عن هذا لأحد مذهب ولا بعده في الدليل مطلب حسبما هي عليه عند علماء المذهب فإن الاستطاعة عندنا صفة المستطيع وهي قائمة ببدنه فإذا قدر يمشي وجبت عليه العبادة وإذا عجز ووجد الزاد والراحلة وجبت عليه أيضا وتحقق الوعد بالوجهين المسألة الثالثة قوله (* (وعلى كل ضامر يأتين) *)) يعني التي انضم جنباها من الهزال حتى أكلتها الفيافي ورعتها المفازات وإن كان خرج منها أوان انفصاله من بلده على بدن فإن حرب البيداء ومعالجة الأعداء ردها هلالا فوصفها الله بالمآل الذي انتهت عليه إلى مكة
(٢٨٠)