أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٦
ومن قال إنه التصديق فقد وافق مطلق اللغة لكنه قد يكون بمعنى التصديق وقد يكون بمعنى الأمان قال النابغة (والمؤمن العائذات الطير يمسحها * ركبان مكة بين الغيل والسند) وأما من قال إنه الاعتقاد والقول والعمل فقد جمع الأقوال كلها وركب تحت اللفظ مختلفات كثيرة ولم يبعد من طريق التحقيق في جهة الأصول ولا في جهة اللغة أما في جهة اللغة فلأن الفعل يصدق القول أو يكذبه قال النبي العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والنفس تمني وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه فإذا علم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فليتكلم بمقتضى علمه وإذا تكلم بما علم فليعمل بمقتضى علمه فيطرد الفعل والقول والعلم فيقع إيمانا لغويا شرعيا أما لغة فلأن العرب تجعل الفعل تصديقا قال تعالى (* (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) *) وصدق الوعد اتصال الفعل بالقول فإن قيل هذا مجاز قلنا هذه حقيقة وقد بيناه في كتب الأصول وعلى هذا المعنى جاء قوله (* (وما كان الله ليضيع إيمانكم) *)) وعلى ضده جاء قوله من ترك الصلاة فقد كفر إذا ثبت هذا فاختلفوا أيضا في الزيادة فيهما والنقصان كما بيناه في موضعه وهي المسألة السادسة فأما من قال إنه المعرفة أو التصديق بالقلب فأبعد الزيادة فيه والنقصان لأنها
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»