أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٩
ولكن الباري فرض ذلك عليهم أولا وعلله بأنكم تفقهون ما تقاتلون عليه وهو الثواب وهم لا يعلمون ما يقاتلون عليه ثم نسخ ذلك قال ابن عباس كان هذا ثم نسخ بعد ذلك بمدة طويلة وإن كانت إلى جنبها المسألة الرابعة قوله (* (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) *)) أما التخفيف فهو حط الثقل وأما قوله (* (وعلم أن فيكم ضعفا) *) فمعنى تعلق العلم بالآن وإن كان الباري لم يزل عالما ليس لعلمه أول ولكن وجهه أن الباري يعلم الشيء قبل أن يكون وهو عالم الغيب وهو به عالم إذا كان بذلك العلم الأول فإنه عالم الشهادة وبعد الشيء فيكون به عالما بذلك العلم بعد عدمه ويتعلق علمه الواحد الذي لا أول له بالمعلومات على اختلافها وتغير أحوالها وعلمه لا يختلف ولا يتغير وقد ضربنا لذلك مثالا يستروح إليه الناظر وهو أن الواحد منا يعلم اليوم أن الشمس تطلع غدا ثم يراها طالعة ثم يراها غاربة ولكل واحدة من هذه الأحوال علم مجدد لما يتعلق بهذه الأحوال الثلاثة ولو قدرنا بقاء العلم الأول لكان واحدا يتعلق بها وعلم الباري واجب الأولية واجب البقاء يستحيل عليه التغير فانتظمت المسألة وتمكنت بها والحمد لله المعرفة المسألة الخامسة فلما خفف عنا أوجب على الرجل الثبات لرجلين وهكذا ما تزايدت النسبة الواحدة باثنين فإنه يتقدم إليهما ويتقدمان إليه وكل واحد منهما يحذره على نفسه فيهجم على الواحد فيطعنه فإذا قتله بقي واحد بواحد وإن اقتتلا فقد حصل دم واحد بواحد وبقي الزائد لغوا وهذا إنما يكون مع الصبر والله مع الصابرين وقد روى ابن وهب عن مالك في الرجل يلقى عشرة قال واسع له أن ينصرف إلى معسكره إن لم تكن له قوة على قتالهم
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»