أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٥
(اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله * جهم من الجهم عظيم ظله * كم من لبيب عقله يضله) (وناظر ينظر ما يمله) فنزلت (خذوا زينتكم عند كل مسجد) قال ابن العربي وهذه المرأة هي ضباعة بنت عامر بن قرط وقد روى أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس قريش وأحلافهم فمن جاء من غيرهم وضع ثيابه في ثوب أحمسي فيحل له أن يلبس ثيابه فإن لم يجد من يعيره ما يلبس من الحمس فإنه يلقي ثوبه ويطوف عريانا وتحرم عليه ثيابه فنزلت الآية وثبت في الصحيح أن النبي أرسل ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان فنودي بهذا في الموسم المسألة الثانية في سبب فعل الجاهلية لذلك إن قريشا كانت رأت رأيا تكيد به العرب فقالوا يا معشر قريش لا تعظموا شيئا من البلدان كتعظيم حرمكم فتزهد العرب في حرمكم إذا رأوكم قد عظمتم من البلدان غيره كتعظيمه فعظموا أمركم في العرب فإنكم ولاة البيت وأهله دون الناس فوضعوا لذلك الأمر أن قالوا نحن أهل الحرم فلا ينبغي لنا أن نعظم غيره ولا نخرج منه فكانوا يقفون بالمزدلفة دون عرفة لأنها خارج من الحرم وكانت سنة إبراهيم وعهدا من عهده ثم قالوا لا ينبغي لأحد من العرب أن يطوف إلا في ثيابنا ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا ولا يأكل الأقط ولا يستظل بالأدم إلا الحمس وهم قريش وما ولدت من العرب ومن كان يليها من حلفائها من بني كنانة فكان الرجل من العرب أو المرأة يأتيان حاجين حتى إذا أتيا الحرم وضعا ثيابهما وزادهما وحرم عليهما أن يدخلا مكة بشيء من ذلك فإن كان لأحد
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»