أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٥
منهما على حالهما ولو لم تكن الفاكهة الخضرية أصلا في اللذة وركنا في النعمة ما وقع الامتنان بها في الجنة ألا تراه وصف جمالها ولذتها فقال (* (فيهما فاكهة ونخل ورمان) *) فذكر النخل أصلا في المقتات والرمان أصلا في الخضروات أولا ينظرون إلى وجه امتنانه على العموم لكم ولأنعامكم بقوله (* (أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا) *) فإن قيل فقد قال تعالى (* (وآتوا حقه يوم حصاده) *) والذي يحصد الزرع قلنا جهلتم بل هو عام في كل نبت في الأرض وأصل الحصاد إذهاب الشيء عن موضعه الذي هو فيه قال تعالى (* (منها قائم وحصيد) *) وقال (* (حتى جعلناهم حصيدا خامدين) *) وقال (* (فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس) *) وفي الحديث وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم فإن قيل هذا مجاز وأصله في الزرع قلنا هذا كله حقيقة وأصلها الذهاب فإن قيل أليس يقال جداد النخل وحصاد الزرع وجذاذ البقل قلنا الاسم العام الحصاد وهذه خواص العام على بعض متناولاته وقد أجاب عنه العلماء بأنه ذكر الحصاد فيما يحصد دليلا على الجداد فيما يجد لأن أحدهما يكفي عن الآخر ولكن النبات كان أصلا لقوله فأنبتنا به جنات فجعلها قسما
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»