أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
وأنشدوا (وأهل خباء صالح ذات بينهم * قد احتربوا في عاجل أتى آجله) وتحقيق القول فيه أن بين في أصله مصدر قولك بان يبين بينا أي فارق ما كان مجتمعا معه وانفصل عما كان متصلا به ومنه حديث النبي ما أبين من حي فهو ميت المعنى ما فصل من أعضاء الحيوان عنه حال حياته فهو ميتة يعني لا يحل أكله واستعمل ظرفا على معنى المصدر وهو باب من أبواب النحو تقول بين الدار والمسجد مسافة ولو كانا مجتمعين لم يكن بينهما بين أي موضع خال منهما ولما كان الاجتماع على ضربين اجتماع أجسام واجتماع معان وهي الأخلاق والأهواء جعل افتراق الأهواء كافتراق الأجسام واستعمل فيه بين الذي هو الافتراق فيهما جميعا والدليل عليه قوله تعالى (* (ومن بيننا وبينك حجاب) *) وعلى هذا يحمل قوله بيني وبينك رحم أي ما افترقنا إلا على أصل واحد وبيني وبينه شركة أي افترقنا في كل شيء إلا عن جمع المال المخصوص فقال أهل الصناعة هو مصدر في المعاني ظرف في الأجسام لما كانت ذوات مساحات محسوسات فرقا بينها وبين المعاني والكل في الحقيقة تباين وتباعد وفرقة ومنه قوله تعالى (* (لقد تقطع بينكم) *) مرفوعا ومنصوبا المعنى لقد تقطع تباعدكم وافتراقكم بحيث لا يكون له اتصال فإن الذي يبين على قسمين منه ما يرجى له اتصال ومنه ما لا يرجى له اتصال فيعبر عنه بالتقطع وقد جعل أهل الصناعة هنا بين للظرف وكثر ذلك حتى جعل اسما في الأهواء المتباينة مجازا يعبر به عنها وعليه يخرج (* (لقد تقطع بينكم) *) على قراءة الرفع المعنى لقد تفرقت أهواؤكم وأخلاقكم
(٢٣٧)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، السجود (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»