أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
الحاكم فالكتابيون بذلك أولى إذ الحكم ليس بحق للحاكم على الناس وإنما هو حق للناس عليه وقال عيسى عن ابن القاسم لم يكونوا أهل ذمة إنما كانوا أهل حرب وهذا الذي قاله عيسى عنه إنما نزع به لما رواه الطبري وغيره أن الزانيين كانا من أهل خيبر أو فدك وكانوا حربا لرسول الله واسم المرأة الزانية يسرة وكانوا بعثوا إلى يهود المدينة يقولون لهم اسألوا محمد عن هذا فإن أفتاكم بغير الرجم فخذوه منه واقبلوه وإن أفتى به فاحذروه وهذه فتنة أرادها الله فيهم فنفذت فأتوا النبي فسألوه فقال لهم من أعلم يهود فيكم قالوا ابن صوريا فأرسل إليه في فدك فجاء فنشده الله فانتشد له وصدقه بالرجم كما تقدم وقال له والله يا محمد إنهم ليعلمون أنك رسول الله ثم طبع الله على قلبه فبقي على كفره وهذا لو كان صحيحا لكان مجيئهم بالزانيين وسؤالهم عهدا وأمانا وإن لم يكن عهد ذمة ودار لكان لهم حكم الكف عنهم والعدل فيهم فلا حجة لرواية عيسى في هذا وعنهم أخبر الله سبحانه وتعالى بقوله (* (سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) *) قال سفيان بن عيينة وهي المسألة الخامسة أن الله ذكر الجاسوس بقوله (* (سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) *) فهؤلاء هم الجواسيس ولم يعرض النبي لهم مع علمه بهم لأنه لم يكن حينئذ تقررت الأحكام ولا تمكن الإسلام وسنبينه بعد هذا إن شاء الله تعالى المسألة السادسة لما حكموا النبي أنفذ عليهم الحكم ولم يكن لهم الرجوع وكل من حكم رجلا في الدين فأصله هذه الآية قال مالك إذا حكم رجل رجلا فحكمه ماض وإن رفع إلى قاض أمضاه إلا أن يكون جورا بينا
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»