المسألة الأولى في حكمة الآية انظروا رحمكم الله إلى مراعاة الباري سبحانه لمصالحنا وحسن تقديره في تدبيره لأحكامنا وذلك أنه لما ضرب الرق على الخلق عقوبة للجاني وخدمة للمعصوم وعلم أن العلاقة قد تنتظم بالرق في باب الشهوة التي رتبها جبلة ورتب النكاح عليها في اتحاد القرون وترتيب النظر وشرفه لشرف فائدته ومقصوده من وجود الآدمي عليه صان عنه محل المملوكية لثلاثة أوجه أحدها أن فيها سبب الحل وطريق التحريم والاستمتاع يكفي الثاني وهو المقصود صيانة النطفة عن التصوير بصورة الإرقاق الثالث صيانة لعقد النكاح حين كثر شروطه وأعلى درجته وكمل صفته وقد كان سبق في علمه أن أحوال الخلق ستستقيم بقسمته إلى ضيق وسعة وضرورة أذن في حال الضرورة للحر في تعريض نطفته للإرقاق لئلا يكون مراعاة أمر موهوم يؤدي إلى فساد حال متوقعة حتى قال بعض العلماء إن الهوى يجيز نكاح الإماء وهذا منتهى نظر المحققين في مطالعة الأحكام من بحر الشرع وساحل العقل فاتخذوها مقدمة لكل مسألة تتعلق بها المسألة الثانية في فهم سياق الآية اعلموا وفقكم الله تعالى أن العلماء اختلفوا في سياق هذه الآية فمنهم من قال إنها سبقت مساق الرخص كقوله (* (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) *) [النساء 92] وقوله (* (فلم تجدوا ماء فتيمموا) *) [النساء 43 والمائدة 6] ونحوه فإذا كانت كذلك وجب أن تلحق بالرخص التي تكون مقرونة بأحوال الحاجة وأوقاتها ولا يسترسل في الجواز استرسال العزائم وإلى هذا مال جماعة من الصحابة واختاره مالك ومنهم من جعلها أصلا وجوز نكاح الأمة مطلقا ومال إليه أبو حنيفة
(٥٠١)