وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصدقة على القرابة صدقة وصلة وأما من قال إنه صدقة التطوع فنظر إلى أن الزكاة لا تأتي إلا بلفظها المختص بها وهو الزكاة فإذا جاءت بلفظ الصدقة احتملت الفرض والتطوع وإذا جاءت بلفظ الإنفاق لم يكن إلا التطوع وأما من قال إنه في الحقوق العارضة في الأموال ما عدا الزكاة فنظر إلى أن الله تعالى لما قرنه بالصلاة كان فرضا ولما عدل عن لفظها كان فرضا سواها وأما من قال إنه منسوخ فنظر إلى أنه لما كان بهذا الوجه فرضا سوى الزكاة وجاءت الزكاة المفروضة فنسخت كل صدقة جاءت في القرآن كما نسخ صوم رمضان كل صوم ونسخت الصلاة كل صلاة ونحو هذا جاء في الأثر التنقيح إذا تأمل اللبيب المنصف هذه التوجيهات تحقق أن الصحيح المراد بقوله (* (يؤمنون بالغيب) *) كل غيب أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كائن وقوله (* (ويقيمون الصلاة) *) عام في كل صلاة فرضا كانت أو نفلا وقوله (* (ومما رزقناهم ينفقون) *) عام في كل نفقة وليس في قوة هذا الكلام القضاء بفرضية ذلك كله وإنما علمنا الفرضية في الإيمان والصلاة والنفقة من دليل آخر وهذا القول بمطلقه يقتضي مدح ذلك كله خاصة كيفما كانت صفته
(١٩)