النمل (66 - 64)) لأنه ازيحت عليهم بالمكين من المعرفة والإقرار فلم يبقى لهم عذر في الانكار * (ومن يرزقكم من السماء) * أي المطر * (والأرض) * أي ومن الآرض والنبات * (أإله مع الله قل هاتوا برهانكم) * حجتكم على اشراككم * (إن كنتم صادقين) * في دعواكم أن مع الله ألها أخر * (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) * من فاعل يعلم والغيب وهو ما لم يقم عليه دليل ولا اطلع عليه مخلوق مفعول والله بدل من من والمعنى لا يعلم أحد الغيب إلا الله نعم إن الله تعالى يتعالى عن أن يكون ممن في السماوات والأرض ولكنه جاء على لغة بني تميم حيث يجرون الاستثناء المنقطع أي مجرى المتصل ويجزون النصب والبدل في المنقطع كما في المتصل ويقولون ما في الدار أحد إلا حمار وقالت عائشة رضي الله عنها من زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله والفرية والله تعالى يقول قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وقيل نزلت في المشركين حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة * (وما يشعرون) * وما يعلمون * (أيان) * متى * (يبعثون) * ينشرون * (ادارك) * مكي وبصرى ويزيد والمفضل أي انتهى وتكامل من أدركت الفاكهة تكاملت نضجا بل أدرك عن الأعشى افتعل بل أدرك غيرهم استحكم وأصله تدارك فأدغمت التاء في الدال وزيد ألف الوصل ليمكن التكلم بها * (علمهم في الآخرة) * أي في شأن الآخرة ومعناها والمعنى إن أسباب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة قد حصلت لهم ومكنوا من معرفته وهم شاكون جاهلون وذلك قوله * (بل هم في شك منها بل هم منها عمون) * والأضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم وتكرير لجهلهم وصفهم أو لا بأنهم لا يشعرون وقت البعث ثم بأنهم لا يعلمون أن القيامة كائنة ثم يأنهم يخبطون في شك ومرية فلا يزيلونه والإزالة مستطاعة ثم بما هو أسوء حالا وهو العمى وقد جعل الآخرة مبتدأ عماهم ومنشأه فلذا عداه بمن دون عن لأن الكفر بالعاقبة والجزاء هو الذي منعهم من التدبر والتفكر ووجه ملاءمة مضمون هذه الأية وهو وصف المشركين بأنكارهم البعث مع استحكام أسباب العلم والتمكن من المعرفة بما قبله وهو اختصاصه تعالى بعلم الغيب وأن العباد لا علم لهم بشيء منه أنه لما ذكر أن العباد لا يعلمون الغيب وكان هذا بيانا لعجزهم ووصفا لقصور علمهم وصل به أن عندهم عجزا أبلغ منه وهو أنهم يقولون للكائن الذي لابد من كونه وهو وقت جزاء أعمالهم لا يكون مع أن عندهم أسباب معرفة كونه واستحكام العلم به وجاز أن يكون وصفهم باستحكام العلم وتكامله تهكما بهم كما تقول لأجهل الناس ما أعلمك على سبيل الهزؤ وذلك حيث شكوا وعملوا عن اثباته الذي الطريق إلى علمه مسلوك فضلا أن يعرفوا وقت كونه الذي لا طريق إلى معرفته ويجوز أن يكون أدرك بمعنى انتهى وفنى من قولك أدركت النمرة لأن لك غايتها التي عندها تعدم
(٢٢٠)