تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٥
يقال كببت الرجل ألقيته على وجهه أي ألقوا على رؤوسهم في النار أو عبر عن الجملة بالوجه كما بعبر بالرأس والرقبة عنها أي ألقوا في النار ويقال لهم تبكيتا عند الكب * (هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) * في الدنيا من الشرك والمعاصي * (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة) * مكة * (الذي حرمها) * جعلها حرما آمنا يأمن فيها اللاجىء إليها ولا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها ولا ينفر صيدها * (وله كل شيء) * مع هذه البلدة فهو مالك الدنيا والآخرة * (وأمرت أن أكون من المسلمين) * المنقادين له * (وأن أتلو القرآن) * من التلاوة أو من التلو كقوله واتبع ما يوحى إليك من ربك أمر رسوله بأن يقول أمرت أن أخص الله وحده بالعبادة ولا أتخذ له شريكا كما فعلت قريش وأن أكون من الحنفاء الثابتين علة ملة الإسلام وأن أتلو القرآن لأعرف الحلال والحرام وما يقتضيه الإسلام وخص مكة من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها لأنها أحب بلاده إليه وأعظمها عنده وأشار إليها بقوله هذه إشارة تعظيم لها وتقريب دالا على أنها موطن نبيه ومهبط وحيه ووصف ذاته بالتحريم الذي هو خاص وصفها وجعل دخول كل شيء تحت ربوبيته وملكوته كالتابع لدخولها تحتهما * (فمن اهتدى) * باتباعه إياي فيما أنا بصدده من توحيد الله ونفي الشركاء عنه والدخول في الملة الحنيفية واتباع ما أنزل على من الوحي * (فإنما يهتدي لنفسه) * فمنفعة اهتدائه راجعا إليه لا إلى * (ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين) * أي ومن ضل ولم يتبعني فلا على وما أنا إلا رسول منذر وما على الرسول إلا البلاغ المبين * (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها) * ثم أمره أن يحمد الله على ما خوله من نعمة النبوة التي لا توازيها نعمة وأن يهدد أعداءه بما سيريهم الله من آياته في الآخرة فسيستيقنون بها وقيل هو انشقاق القمر والدخان وما حل بهم من نقمات الله في الدنيا * (وما ربك بغافل عما تعملون) * بالتاء مدني وشامي وحفص ويعقوب خطاب لأهل مكة وبالياء غيرهم أي كل عمل يعملونه فإن الله عالم به غير غافل عنه فالغفة والسهو لا يجوزان عليه
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»