تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٩
النمل (24 - 21)) نون العماد للتخفيف ليأتيني بنونين مكي الأولى للتأكيد والثانية للعماد * (بسلطان مبين) * بحجة له فيها عذر ظاهر على غيبته والأشكال أنه حلف على أحد ثلاثة أشياء اثنان منها فعله ولا مقال فيه والثالث فعل الهدهد وهو مشكل لأنها من أين درى أنه يأتي بسلطان حتى قال والله ليأتيني بسلطان وجوابه أن معنى كلامه ليكونن أحد الأمور يعني إن كان الإتيان بسلطان لم يكن تعذيب ولا ذبح وإن لم يكن كان أحدهما وليس في هذا ادعاء دراية * (فمكث) * الهدهد بعد تفقد سليمان إياه وبضم الكاف غير عاصم وسهل ويعقوب وهما لغتان * (غير بعيد) * أي مكثا غير طويل أو غير زمان بعيد كقوله عن قريب ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على اسراعه خوفا من سليمان فلما رجع سأله عما لقي في غيبته * (فقال أحطت) * علمت شيئا من جميع جهاته * (بما لم تحط به) * ألهم الله الهدهد فكافح سليمان بهذا الكلام مع ما اوتى من فضل النبوة والعلوم الجمة ابتلاء له في علمه وفيه دليل بطلان قوله الرافضة أن الإمام لا يخفي عليه شيء ولا يكون في زمانه أحد أعلم منه * (وجئتك من سبإ) * غير منصرف أبو عمرو وجعله اسما للقبيلة أو المدينة وغيره بالتنوين جعله اسما للحي أو الأب الأكبر * (بنبأ يقين) * النبأ الخبر الذي له شأن وقوله من سبأ بنبأ من محاسن الكلام ويسمى البديع وقد حسن وبدع لفظا ومعنى ههنا ألا ترى أنه لو وضع مكان بنبأ بخبر لكان المعنى صحيحا وهو كما جاء أصح لما في النبأ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال * (إني وجدت امرأة) * هي بلقيس بنت شراحيل وكان أبوها ملك أرض اليمن ولم يكن له ولد غيرها فغلبت على الملك وكانت هي وقومها مجوسا يعبدون الشمس والضمير في * (تملكهم) * راجع إلى سبأ على تأويل القوم أو أهل المدينة * (وأوتيت) * حال وقد مقدرة * (من كل شيء) * من أسباب الدنيا ما لا يليق مجالها * (ولها عرش) * سرير * (عظيم) * كبير قيل كان ثمانين ذراعا في ثمانين ذراعا وطوله في الهواء ثمانون ذراعا وكان من ذهب وفضة وكان مرصع بأنواع الجواهر وقوائمه من ياقوت أحمر وأخضر ودر وزمرد وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق واستصغر حالها إلى حال سليمان فاستعظم عرشها لذلك وقد أخفى الله تعالى على سليمان ذلك لمصلحة رأها كما أخفى مكان يوسف على يعقوب عليهما السلام * (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل) * أي سبيل التوحيد * (فهم لا يهتدون) * إلى الحق ولا يبعد من الهدهد التهدي إلى معرفة الله تعالى ووجوب السجود له وحرمة السجود للشمس إلهاما من الله له الهمه وغيره من الطيور وسائر الحيوان المعارف اللطيفة التي لا يكاد
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»