تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٢٠١
آل عمران (199 _ 200)) في قوله أولئك يؤتون اجرهم مرتين * (إن الله سريع الحساب) * لنفوذ علمه في كل شيء * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) * على الدين وتكاليفه قال الجنيد رضي الله عنه الصبر حبس النفس على المكروه بنفي الجزع * (وصابروا) * أعداء الله في الجهاد أي غالبوهم في الصبر على شدائد الحرب لا تكونوا أقل صبرا منهم وثباتا * (ورابطوا) * وأقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو * (واتقوا الله لعلكم تفلحون) * الفلاح البقاء مع المحبوب بعد الخلاص عن المكروه ولعل لتغيب المآل لئلا يتكلوا على الآمال عن تقديم الأعمال وقيل اصبروا في محبتي وصابروا في نعمتي ورابطوا أنفسكم في خدمتي لعلكم تفلحون تظفرون بقربتى قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما والله أعلم بالصواب و إليه المرجع والمآب سورة النساء نزلت بالمدينة آياتها مائة وست وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم النساء (1)) * (يا أيها الناس) * يا بني آدم * (اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) * فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم * (وخلق منها زوجها) * معطوف على محذوف كأنه قيل من نفس واحدة أنشأها وخلق منها زوجها والمعنى شعبكم من نفس واحدة هذه صفتها وهى أنه صفتها وهى أنه أنشأها من تراب وخلق منها زوجها حواءمن ضلع من أضلاعه * (وبث منهما) * ونشر من آدم وحواء * (رجالا كثيرا ونساء) * كثيرة أي وبث منهما نوعي جنس الإنس وهما الذكور والإناث فوصفها بصفة هي بيان وتفصيل لكيفية خلقهم منها أو على خلقكم والخطاب في يا أيها الناس للذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى خلقكم من نفس آدم وخلق منها أمكم حواء وبث منهما رجالا كثيرا ونساء غيركم من الأمم الفائتة للحصر فان قلت الذي تقتضيه جزالة النظم أن يجاء عقيب الأمر بالتقوى بما يدعوا إليها فكيف كان خلقه إياهم من نفس واحدة على التفصيل الذي ذكره داعيا إليها قلت لأن ذلك مما يدل على القدرة العظيمة ومن قدر على نحوه كان قادرا على كل شيء ومن المقدورات عقاب الكفار والفجار فالنظر فيه يؤدى إلى أن يتقى القادر عليه ويخشى عقابه و لأن يدل
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»