* (ويل يومئذ للمكذبين (47) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون (48) ويل يومئذ للمكذبين (49) فبأي حديث بعده يؤمنون (50)) [المرسلات: 1 - 50] قوله تعالى: * (كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون) هذا على طريق التهديد والوعيد لا على طريق الأمر.
ومعناه: افعلوا ما أنتم فاعلون فسينالكم رعب ذلك وعاقبته.
وقوله: * (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) معناه: إذا قيل لهم: صلوا لا يصلون.
وقيل: إنها نزلت في ثقيف استعفوا من الصلاة.
وقيل: كانوا استعفوا من الركوع والسجود فقال النبي: ' لا خير في دين ليس له ركوع ولا سجود '.
وقوله: * (فبأي حديث بعده يؤمنون) أي: بأي كتاب بعد القرآن يؤمنون إن لم يؤمنوا بهذا الحديث بعد ظهور براهينه وقيام الدلائل على أنه من عند الله؟! فإن قال قائل: ما وجه التكرار في قوله: * (ويل يومئذ للمكذبين) في هذه السورة والمرة الواحدة تغني عن المراد به؟ والجواب قد بينا هذا في سورة الرحمن.
ووجه ذلك أنه لما كرر ذكر النعم في تلك السورة كرر الزجر عن كفرانها والنهي عنها بقوله: * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) ولما كرر ذكر الآيات في هذه السورة لإقامة الحجيج عليهم كرر ذكر العقوبة عليهم بذكر الويل ليكون أبلغ في الإنذار والإعذار وهو على عادة كلام العرب فإن الرجل يقول لغيره: ألم أحسن إليك بأن فعلت لك كذا؟ ألم أحسن بأن خلصتك من المكاره؟ ألم أحسن بأن تشفعت لك إلا فلان؟ وغير ذلك فيحسن منه التكرير لاختلاف ما يقرره به.
قال مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليبا على هذا المعنى:
(علي أن ليس عدلا من كليب * إذا طرد (اللئيم) عن الجزور) (علي أن ليس عدلا من كليب * إذا ما ضيم جيران المجير)