تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٨٢
* (أصابهم البغي هم ينتصرون (39) وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على) * * (ينتصرون) أي: يتناصرون، فينتصر بعضهم بعضا لرفع البغي، وهو من باب الحسبة، ينتصرون بالأمر بالمعروف. وقيل: ينتصرون أي: ينتصرون من الظالم، والانتصار من الظالم هو أخذ الحق منه. وفي التفسير عن الحسن البصري وغيره قال: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم حتى لا يجترئ عليهم الفساق.
وذكر الكلبي: أن الآية نزلت في شأن أبي بكر الصديق، فروى أن رجلا من الأنصار سب أبا بكر عند النبي، فسكت أبو بكر وسكت التبي، ثم إن أبا بكر أجابه، فقام النبي مغضبا، وذهب فتبعه أبو بكر، وقال: يا رسول الله، إن الذي فعلت بي أشد مما فعله الأنصاري، سبني فسكت، ولم تنكر عليه، ثم لما أجبت قمت مغضبا، فقال: كان الملك يرد عليه حين سكت؛ فلما أجبت ذهب الملك؛ فذهبت، وأنزل الله تعالى هذه الآية: * (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) فيجوز للمظلوم الانتصار من ظالمه.
قوله تعالى: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) سمى الثاني [سيئة] على ازدواج الكلام، وعند الفقهاء أن الآية في القتل والجراحات؛ فإذا قتله يقتله وليه، وإذا حرجه. يجرحه، وذهب جماعة من السلف إلى أن هذا في غير القتل والجراحات أيضا فإذا قال: أخزاك الله، يقول: أخزاك الله، وإذا قال: لعنك الله، يقول: لعنك الله، ولا يزيد عليه، وكذلك قالوا: إذا سب سبه، وهذا فيما لا يدخله الكذب، فأما ما يدخله الكذب فلا ينبغي أن يكذب عليه، وما ذكرنا مروي عن مجاهد وغيره.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»