تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٤٠١
* (والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم) * * وقوله: * (تبوءوا الدار والإيمان) أي: استوطنوا المدينة، وقبلوا الإيمان. وقيل: تبوءوا الدار أي: أعدوا الديار للمهاجرين وواسوهم في كل مالهم.
وقوله: * (والإيمان) أي: جعلوا دورهم دور الإيمان، وذلك بإظهارهم الإيمان فيما بينهم، فإن قيل: كيف يستقيم قوله: * (من قبلهم) والأنصار إنما آمنوا من بعد المهاجرين؟ والجواب أن قوله: * (من قبلهم) ينصرف إلى تبوء الدار لا إلى الإيمان والثاني أن قوله * (من قبلهم) وإن انصرف إلى الإيمان فالمراد منه قبل هجرتهم؛ لأن الأنصار كانوا قد آمنوا قبل هجرتهم.
وقوله: * (يحبون من هاجر إليهم) أي: من أهل مكة وغيرهم.
وقوله: * (ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا) قال قتادة: وعند كثير من المفسرين معناه: حسدا مما أعطوا، وقيل: ضيقا في قلوبهم مما أعطي المهاجرين، وهو بمعنى الأول. وقد ذكرنا ما أعطى رسول الله المهاجرين من أموال بني النضير، فالمعنى ينصرف إليهم.
وقوله: * (ويؤثرون على أنفسهم) أي: يقدمون المهاجرين على أنفسهم.
وقوله: * (ولو كان بهم خصاصة) أي: فقر وحاجة. ومن المعروف برواية أبي هريرة أن بعض الأنصار أضاف رجلا من الفقراء، ولم يكن عنده فضل عما يأكله ويأكل أهله وصبيانه. وفي رواية: أن ذلك الرجل كان جاع ثلاثة أيام ولم يجد شيئا، وطلب رسول الله له شيئا في بيوت أزواجه ولم يجد، فأضافه هذا الأنصاري، حمله إلى بيته وقال لأهله: نومي الصبية وأطفئي السراج [بعلة] الإصلاح، ففعلت ذلك، وجعلا يمدان أيديهما ويضربان على (الصحفة)؛ ليظن الضيف أنهما يأكلان، ولا يأكلان ففعلا ذلك وأكل الضيف حتى شبع، فلما غدا
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»