تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ١٨٩
قال: نعم '.
وقيل: إنه أعظم فتح كان في الإسلام؛ لأنه لما صالح مع المشركين ووداعهم فكان قد صالح على وضع الحرب عشر سنين، فاختلط المشركون مع المسلمين بعد ذلك، وسمعوا القرآن، ورأوا ما عليه رسول الله وأصحابه فرغبوا في الإسلام، وأسلم في مدة الصلح من المشركين أكثر مما كان أسلم في مدة الحرب، وكثر سواد الإسلام، وأسلم في هذه المدة: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة العبدري، وكثير من وجوه المشركين، وقد كان في غزوة الحديبية بيعة الرضوان، ووعد فتح خيبر وظهور الروم على الفرس، وكان ذلك من معجزات الرسول، وكان ذلك مما سر المسلمين وساء المشركين؛ لأن المسلمين كانوا يودون ظهور أهل الكتاب، والمشركون كانوا يودون ظهور الفرس والعجم فحقق الله ما يوده المسلمون وكان المشركون قالوا حين ظهرت الفرس على الروم: كما ظهر الفرس على الروم كذلك نحن نظهر عليكم، فحين أظهر الله الروم على الفرس كان ذلك علامة لظهور المسلمين على المشركين. وقيل في الحديبية: هو إباحة الحلق والنحر قبل بلوغ الهدي محله، وفي الآية قول آخر: وهو أن المراد من الفتح هو فتح مكة، وذلك لأن الله تعالى وعده فتح مكة في غزوة الحديبية.
قوله تعالى: * (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) قال ثعلب معناه: كي يغفر الله لك، فاللام بمعنى كي، قال: وحقيقة المعنى هو أنه يجمع لك المغفرة مع الفتح، فيتم عليك النعمة بها. وقال أبو حاتم السجستاني النحوي: معنى قوله: * (ليغفر لك الله) أي: ليغفرن الله لك، فلما أسقط النون خفض اللام.
وقوله: * (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) أي: ما تقدم من ذنبك قبل زمان النبوة، وما تأخر عن زمان النبوة، وقيل: ما تقدم من ذنبك قبل الفتح، وما تأخر عن الفتح. وعن الثوري قال: ما كان وما يكون مالم تفعله، وأنت فاعله، فكأنه غفر له قبل الفعل.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»