تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٣
* (صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا (19) وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك). * * * الأسواق؟ وهذا في معنى قوله تعالى: * (قل ما كنت بدعا من الرسل) إن أنا [إلا] رسول مثل سائر الرسل، فإذا جاز أن يكون سائر الرسل آدميين، فيجوز أن أكون آدميا رسولا.
وقوله: * (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة). فيه قولان: أحدهما: أن معنى * (فتنة) للفقير، فيقول الفقير: مالي لم أكن غنيا مثله؟ والصحيح فتنة للمريض، فيقول: مالي لم أكن صحيحا؟ ومثل الشريف فتنة للوضيع، فيقول: مالي لم أكن شريفا مثله؟.
والقول الثاني: أن الآية نزلت في رؤوس المشركين مع فقراء المؤمنين، وفقراء المؤمنين مثل: عمار، وابن مسعود، وبلال، و صهيب، و خباب، و سلمان وغيرهم، وكان المشرك إذا أراد أن يسلم، فكر في نفسه، فيقول: هذا دين سبقني إليه هؤلاء الأرذال، فلا أكون تبعا لهم، فيمتنع من الإسلام.
وقوله: * (أتصبرون) أي: فاصبروا.
وفي الخبر أن النبي قال: ' فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا '، وهو خبر طويل.
ويقال إن معنى الآية: أتصبرون أو لا تصبرون؟ وعن بعضهم أنه رأى بعض الأغنياء وقد مر عليه في موكبه، فوقف وقرأ قوله تعالى: * (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون) ثم قال: بلى نصبر ربنا، بلى نصبر ربنا، بلى نصبر ربنا، ثلاث مرات. وأورد بعضهم هذه الحكاية للمزني مع الربيع بن سليمان المرادي، وعن داود الطائي أنه
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»