تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٧٣
* (واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (16) إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون (17) وإن تكذبون فقد كذب أمم من قبلكم) وقوله: * (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) أي: عبادة الله وتقواه خير لكم إن كنتم تعلمون، وقد قيل: إن قوله: * (اعبدوا الله) أي: وحدوا الله، وكل عبادة في القرآن بمعنى التوحيد.
قوله تعالى: * (إنما تعبدون من دون الله أوثانا) أي: أصناما.
وقوله: * (وتخلقون إفكا) أي: وتصنعون كذبا، وقال قتادة: تخلقون إفكا؛ أي: أصناما. وسمى الأصنام إفكا لأنهم سموها آلهة. فإن قيل: قد قال: * (وتخلقون) وقال في موضع آخر: * (هل من خالق غير الله) أي: لا خالق غير الله، فكيف وجه التوفيق بين الآيتين؟ والجواب عنه: أن الخلق بمعنى التقدير هاهنا، قال الشاعر:
(ولأنت تفرى ما خلقت * وبعض القوم يخلق ثم لا يفرى.) ويقال: وتخلقون إفكا أي: تنحتون الأصنام بأيديكم وتعبدونها. وحكى أن بنى حنيفة اتخذوا صنما من الخيس - وهو التمر مع السمن - ثم إنه أصابتهم مجاعة فأكلوه، قال الشاعر:
(أكلت حنيفة ربها * زمن التفحم والمجاعة) (لم يحذروا من ربهم * سوء العواقب والتباعة) قوله تعالى: * (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق) أي: فاطلبوا عند الله الرزق.
وقوله: * (واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم) وهم مثل، عاد، وثمود،
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»