تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥٥٢
* (خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا) * * ودراهمك ما تحب فلا تكرهه؟ قال: لا، قال: ليس لك هو بصديق.
وقوله: * (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) روي أن الله تعالى لما أنزل قوله: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض) توقى الناس غاية التوقي، وقالوا: لا نأكل مع أحد حتى لا نأكل باطلا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وروي أن الآية نزلت في مالك بن زيد مع الحارث بن عمرو، وكان الحارث خلف مالك بن زيد في داره، وخرج غازيا، وأباح له الأكل، فلم يأكل شيئا. ومن المعروف في التفسير: أن الآية نزلت في بني بكر من كنانة، وكان لا يأكل أحد منهم وحده حتى يجد ضيفا يأكل معه، وإذا لم يجد وأجهده الجوع نصب خشبة ولف عليها ثوبا وأكل عندها؛ ليظن الناس أنه إنسان يأكل معه، وروي أن واحدا منهم نزل بلقاحه واديا، فجاع فحلب لقحة منها، ونادى في الوادي: من كان ها هنا فليحضر ليأكل، وكان في الوادي رجل فاختفى ولم يجب، وأجهده الجوع، فجلس يأكل وحده، فخرج الرجل، وقال له: يا رضيع، أتأكل وحدك، فأخذ الرجل سيفه وعدى عليه وقتله مخافة أن ينشر في الناس ذلك الفعل منه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأباح للقوم أن يأكلوا منفردين وجماعة، فإن قيل: ما قولكم في هذه الآية، وإذا دخل بيت واحد ممن سبق ذكره، هل يجوز له أن يأكل بغير إذنه؟ والجواب عنه: قال أبو بكر الفارسي: إن كان سبق منه إذن على الإجمال - وإن لم يكن على التعيين - فإنه يجوز له أن يأكل، وفي غير هؤلاء لا يجوز إلا أن يعين. وقال بعضهم: إذا كان الطعام مبذولا غير محرز، جاز له أن يأكل وإن كان محرزا في حرز لا يجوز له أن يأكل، وأما حمل الزاد ومباذلة الغير فهو حرام ما لم يؤذن على التعيين، وقد قيل: إذا كان يسيرا فلا بأس به للعبيد والخدم.
وقوله: * (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) أي: ليسلم بعضكم على بعض، وهذا كقوله: * (ولا تقتلوا أنفسكم) أي: ولا يقتل بعضكم بعضا،
(٥٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 » »»