تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٣٥٨
* (قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما (114) ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما (115) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) * * الثاني: معناها: ولا تطلب الإنزال من الله تعالى، واصبر حتى يأتيك جبريل بما ينزله الله تعالى. والقول الثالث: معناها: ولا تبين للناس ما لم يصلي إليك تأويله، ومعناه: ولا تبين من قبل نفسك. والقول الأول هو المعروف.
وقوله: * (وقل رب زدني علما) أي: علما إلى ما علمت، فكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم زدني إيمانا ويقينا. وعن مالك بن أنس قال: من شأن ابن آدم ألا يعلم كل شيء، ومن شأن ابن آدم أن يعلم ثم ينسى، ومن شأن ابن آدم أن يطلب من الله علما إلى علمه.
قوله تعالى: * (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل) العهد ها هنا هو الأمر.
وقوله: * (فنسي) معناه: فترك، وعن ابن عباس: أن الإنسان سمي إنسانا؛ لأنه ينسى.
وقوله: * (ولم نجد له عزما) معناه: صبرا، وقيل: حزما، وقال عطية: حفظا لما أمر به والعزم هو توطين النفس على الفعل.
وعن الحسن البصري قال: لو قوبل عقل آدم بعقل جميع ولده لرجحهم، وقد قال الله تعالى: * (ولم نجد له عزما). وعن أبي أمامة الباهلي قال: لو وزن حلم آدم بحلم جميع ولده لرجح حلمه، وقد قال الله تعالى: * (ولم نجد له عزما) فإن قيل: أتقولون أن آدم - عليه السلام - كان ناسيا لأمر الله تعالى حين أكل من الشجرة؟ قلنا: يجوز أنه نسي، ومنهم من قال: نسي عقوبة الله تعالى، وظن أنه نهي تنزيه، لا نهي تحريم، ومنهم من قال: ظن أنه إنما نهى عن شجرة بعينها، ولم ينه عن جنس الشجرة.
قوله تعالى: * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى) ظاهر المعنى.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»