تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٢
الشيطان ودخل بينهما وأخذ يحنكه وحنكها حتى همت به وهم بها، ثم إن الله تعالى تدارك عبده ونبيه بالبرهان الذي ذكره. وقال قطرب: معنى قوله: * (وهم بها) أي: وهم بها لولا أن رأى برهان ربه.
وأنكر سائر النحاة عليه هذا القول، وقالوا إن العرب لا تؤخر لولا عن الفعل، وإنما كلام العرب هو التقديم فحسب، فإنهم يقولون: لولا كذا لفعلت كذا، ولا يقولون، فعلت كذا لولا كذا. وقال بعضهم: ' وهم بها ' أي: بضربها ودفعها عن نفسه، وهو تأويل بعيد. وقال بعض أهل التفسير: يحتمل أن ذلك القدر الذي فعله يوسف من الهم كان في تلك الشريعة من الصغائر يجوز على الأنبياء. قال الحسن البصري: إن الله تعالى لم يذكر ذنوب الأنبياء في القرآن ليعيرهم بها؛ ولكن ذكرها ليبين موقع النعمة عليهم بالعفو، ولئلا ييأس أحد من رحمته وقيل: إنه ابتلاهم بالذنوب ليتفرد بالطهارة والعزة، ويلقاه جميع الخلق يوم القيامة على انكسار المعصية. وقوله: * (لولا أن رأى برهان ربه) أكثر أهل التفسير: أنه رأى يعقوب صلوات الله عليه [صكه] في صدره وهو يقول له: أتعمل عمل السفهاء وأنت في ديوان الأنبياء؟!
وروى ليث، عن ابن عباس أنه قعد منها مقعد الرجل من امرأته فرأى كفا بلا معصم ولا عضد مكتوب عليها:: * (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين) ففزع وهرب، ثم إنه عاد، فظهر ذلك الكف مكتوبا عليها: * (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) ففزع وهرب، ثم إنه عاد فرأى ذلك الكف أيضا مكتوبا عليها: * (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) ففزع وهرب، ثم إنه عاد؛ فقال الله لجبريل: أدرك عبدي قبل أن يواقع الخطيئة، فجاء ومسحه بجناحه حتى خرجت شهوته من أنامله.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»