تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٥٤
* (يرد بأسه عن القوم المجرمين (147) سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون (148) قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين (149) قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون) * * بتأخير العذاب عنهم، لا بترك أصل العذاب، وهذا حسن، بدليل قوله: * (ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين) يعني: في القيامة، إذا [جاء] وقته؛ فسئل ثعلب: أليس أن الله - تعالى - قد عذب الكفار في الدنيا؟ فقال: هذا في الكفار من قوم نبينا محمد لم يعذبهم الله؛ ببركته فيهم، كما قال: (* (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين).
قوله - تعالى -: * (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا) استدل أهل القدر بهذه الآية؛ فإنهم لما قالوا: لو شاء الله ما أشركنا؛ كذبهم الله - تعالى - ورد قولهم فقال: * (كذلك كذب الذين من قبلهم) قيل: معنى الآية: أنهم كانوا يقولون الحق إلا أنهم كانوا (يعدون) ذلك عذر لهم، ويجعلونه حجة لأنفسهم في ترك الإيمان، فالرد عليهم كان في هذا بدليل قوله - تعالى - بعده: * (قل فلله الحجة البالغة) أي: الحجة بالأمر والنهي باقية له عليهم، وإن شاء أن يشركوا.
* (فلو شاء لهداكم أجمعين) ولو لم يحمل على هذا؛ لكان هذا مناقضة للأول، وقيل: إنهم كانوا يقولون: إن الله أمرنا بالشرك، كما قال في الأعراف: * (وإذا فعلوا
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»