تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١١٢
* (ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (61) ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62) قل من ينجيكم) * * من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) وحفظهم: أن [يحفظوا] على العباد العمل والأجل والرزق * (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) ويقرأ: ' توفيه ' بالياء * (وهم لا يفرطون) أي: لا يؤخرون.
فإن قيل: قد قال في آية أخرى: * (قل يتوفاكم ملك الموت) وقال هاهنا: * (توفته رسلنا) فكيف وجه الجمع؟ قيل: قال إبراهيم النخعي: لملك الموت أعوان من الملائكة، يتوفون عن أمره؛ فهو معنى قوله: * (توفته رسلنا) ويكون ملك الموت هو المتوفى في الحقيقة؛ لأنهم يصدرون عن أمره، ولذلك نسب الفعل إليه في تلك الآية، وقيل: معناه: ذكر الواحد بلفظ الجمع، والمراد به: ملك الموت، وفي القصص أن الله - تعالى - جعل الدنيا بين يديه كالمائدة الصغيرة؛ فيقبض من هاهنا ومن هاهنا؛ فإذا كثرت الأرواح يدعو الأرواح فتجيب له.
قوله - تعالى -: * (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) فإن قال قائل: الآية في المؤمنين والكفار، فكيف قال: * (مولاهم الحق) وقد قال في آية أخرى: * (وأن الكافرين لا مولى لهم)؟ قيل: المولى في تلك الآية بمعنى: الناصر، ولا ناصر للكفار، والمولى هاهنا بمعنى: المالك، والله مالك الكل، وقيل: أراد به رد المؤمنين إليه، ويدخل الكفار فيه تبعا.
* (ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين) أي: يحاسب الكل في لحظة.
قوله تعالى: * (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر) يعني: من شدائد البحر والبر، تقول العرب: يوم مظلم. إذا كان يوم شدة، ويسمونه أيضا: يوما ذا كوكب. كأنهم جعلوه كالليل لشدته، قال الشاعر:
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»