تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٧٣
* (تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (42) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين (43) أتأمرون الناس بالبر وتنسون) * * الزكاة: فمأخوذ من زكا الزرع، إذا كثر ونما.
وقيل: هي من تزكى. أي: تطهر، وكلا المعنيين موجود في الزكاة المفروضة؛ لأن فيها تنمية المال وتطهيره.
(واركعوا مع الراكعين) أي: صلوا مع المصلين. وأصل الركوع: عبادة مع انحناء. يقال: ركعت النخلة إذا انحنت، ومنه قول الشاعر:
(أخبر أخبار القرون التي مضت * أدب كأني كلما قمت راكع) وإنما ذكره بلفظ الركوع؛ لأن صلاة اليهود ما كان فيها ركوع؛ فكأنه قال: وصلوا صلاة ذات ركوع.
فإن قيل: قد أمرهم في أول الآية بإقامة الصلاة، فأي شيء معنى هذا الأمر الثاني: قلنا: الأول مطلق في حق الكل، وهذا الثاني خطاب لقوم مخصوصين، قال لهم: صلوا مع الذين [سبقوكم] بالإيمان والصلاة.
قوله تعالى: * (أتأمرون الناس بالبر) أي: بالطاعة * (وتنسون أنفسكم) أي: تتركون أنفسكم * (وأنتم تتلون الكتاب) التوراة.
* (أفلا تعقلون) العقل: مأخوذ من عقال البعير، وهو ما يشد به ركبة البعير، سمى به لأن يمنعه من الشرود، كذلك العقل يمنع صاحبه من التمرد والخروج عن طاعته. وفي معنى الآية قولان، أحدهما: أنه خطاب لأحبارهم، حيث أمروا أتباعهم بالتمسك بالتوراة، ثم خالفوا وغيروا نعت محمد.
والقول الثاني: أن أهل المدينة كانوا يشاورون علماءهم في اتباع محمد فأشاروا عليهم باتباعه ثم خالفوه وكفروا به.
في الحديث: (روى أنس) عن النبي أنه قال ' رأيت ليلة أسرى بي في السماء أقواما تقرض شفاهم بمقاريض من نار، فسألت من هؤلاء؟ فقالوا: هؤلاء
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»