تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ١٣٦
* (الظالمين (124) وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وآمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع * * (قال ومن ذريتي) أي: اجعل من ذريتي أئمة.
* (قال لا ينال عهدي الظالمين) أي: لا يناله من كان فيهم ظالما. واختلفوا في هذا العهد، قال ابن عباس: هو النبوة. وقال مجاهد: أراد به الإمامة. وهو الأليق بظاهر النسق، وفيه قول آخر: أنه الأمان من النار.
والظالم: الفاسق، وقيل: أراد به المشرك هاهنا. وهو مثل قوله تعالى: * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي: بشرك * (أولئك لهم الأمن) فجعل الأمن لمن لا يشرك به، فكذلك قوله: * (لا ينال عهدي الظالمين) أي: أن أماني لا يناله المشركون منهم.
قوله تعالى: * (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) قال عطاء: مثابة أي: مجمعا.
وقال غيره: مثابة أي: مرجعا، وهو مأخوذ من ثاب، أي: رجع، والبيت مثابة؛ لأنهم يعودون إليه مرة بعد أخرى.
قال الضحاك: لا يقضون منه وطرا، أي: لا يملون منه. والمثاب والمثابة بمعنى واحد، قال الشاعر:
(مثاب لأفناء القبائل كلها * تخب إليه اليعملات الذوامل) وأما قوله: * (وأمنا) أي: ذا أمن. قال ابن عباس: أمنه أن يدخله الجاني فيأمن ولا يستوفي منه حتى يخرج، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم.
وقال غيره: معناه: أنه مأمن من أيدي المشركين؛ فإنهم ما كانوا يتعرضون لأهل مكة ويقولون: إنهم أهل الله وخاصته. وإنما كانوا يتعرضون لمن حوله. كما قال الله تعالى: * (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم) فأما قول
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»