تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٣٢٧
بذلك، وهذا قول غير قوي، لأن الله سبحانه وصفهم بالمال والولد وحمل الحطب ليس بعيب، وقال: الضحاك وابن زيد: كانت تأتي بالشوك والعصاة فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعقرهم، وهي رواية عطية عن ابن عباس، قال الربيع بن أنس: كانت تنشر السعدان على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطأه كما يطأ الحرير والفرند.
مرة الهمداني: كانت أم جميل تأتي كل يوم بأبالة من الحسك فتطرحه على طريق المسلمين فبينما هي ذات يوم حاملة حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح فأتاها ملك فحدثها من خلفها فأهلكها.
وقال سعيد بن جبير: حمالة الخطايا. دليله قوله سبحانه: " * (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) *)، وقول العرب: فلان يحطب على ظهره إذا أساء، فلان حاطب قريته إذا كان الجاني فيهم، وفلان محطوب عليه إذا كان مجنيا عليه.
وقراءة العامة بالرفع فيهما وأختاره أبو عبيد وأبو حاتم ولها وجهان: أحدهما: سيصلى نارا هو وامرأته حمالة الحطب، والثاني: وامرأته حمالة الحطب في النار أيضا.
وحجة الرافعين ما أخبرنا محمد بن نعيم قال: أخبرنا الحسين بن أيوب قال: أخبرنا علي ابن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج بن هارون قال: في قراءة عبد الله وامرأته حمالة للحطب، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وابن محتضر والأعرج وعاصم " * (حمالة) *) بالنصب ولها وجهان: أحدهما الحال والقطع لأن أصله وامرأته الحمالة الحطب فلما ألقيت الألف واللام نصب الكلام، والثاني على الذم والشتم كقوله سبحانه: " * (ملعونين) *).
وروى ابن أبي الزياد عن أبيه قال: كان عامة العرب يقرؤون حمالة الحطب وقرأ أبو قلابة وامرأته حمالة الحطب على فاعله، والحطب جمع واحدتها حطبة.
وقال: بعض أهل اللغة: الحطب ها هنا جمع الحاطب وهو الجانب المذنب يعني أنها كانت تحملهم بالنميمة على معاداته، ونظيره من الكلام راصد و رصد و حارس وحرس وطالب وطلب وغائب وغيب، والعلة في تشبيههم النميمة بالحطب هي أن الحطب يوقد ويضرم كذلك النميمة، قال: أكثم بن صيفي لبنيه: إياكم والنميمة فأنها نار محرقة وأن النمام ليعمل في ساعة مالا يعمل الساحر في شهر، فاخذه الشاعر فقال:
أن النميمة نار ويك محرقة فعد عنها وحارب من تعاطاها
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»