تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٦٢
ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، فقلت لأبي أيستبق الناس غدا؟ فقال: يا بني إنك لجاهل، إنما هو السباق بالأعمال، ثم جاءت الجمعة الأخرى فحضرنا فخطب حذيفة فقال: ألا إن الله يقول: " * (اقتربت الساعة وانشق القمر) *) ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد أذنت بفراق، ألا وإن المضمار اليوم وغدا السباق، ألا وإن الغاية النار والسابق من سبق إلى الجنة.
وبه عن ابن جرير قال: حدثنا الحسن بن أبي يحيى المقدسي قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة سحركم، فسألوا السفار فسألوهم، فقالوا: نعم قد رأينا. فأنزل الله سبحانه " * (اقتربت الساعة وانشق القمر) *).
" * (وإن ايروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) *) ذاهب سوف يذهب ويبطل من قولهم: مر الشيء واستمر إذا ذهب، ونظيره: قر واستقر، هذا قول مجاهد وقتادة والفراء والكسائي.
وقال أبو العالية والضحاك: محكم شديد قوي. سيان عن قتادة: غالب، وهو من قولهم: مر الحبل إذا صلب واشتد وقوي، وامررته أنا إذا أحكمت فتله. ربيع: نافذ. يمان: ماض. أبو عبيدة: باطل، وقيل: يشبه بعضه بعضا.
" * (وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر) *) يقول: وكل أمر من خير أو شر مستقر قراره، ومتناه نهايته، فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار.
قال قتادة: وكل أمر مستقر: أي بأهل الخير الخير، وبأهل الشر الشر، وقال مقاتل: لكل امرئ منتهى، وقيل: لكل أمر حقيقته، وقال الحسن بن الفضل: يعني يستقر قرار تكذيبهم وقرار تصديق المؤمنين حتى يعرفوا حقيقته في الثواب والعقاب، وقيل: مجازه: كل ما قدر كائن واقع لا محالة، وقيل: لكل أمر من أموري التي أمضيتها في خلقي مستقر قراره لا يزول، وحكى أبو حاتم عن شيبة ونافع مستقر بفتح القاف، وذكر الفضل بن شاذان عن أبي جعفر بكسر الراء، ولا وجه لهما.
قال مقاتل: انشق القمر ثم التأم بعد ذلك.
" * (ولقد جاءهم) *) يعني أهل مكة " * (من الأنباء ما فيه مزدجر) *) متناهي. قاله مجاهد. سفيان: منتهى، وهو مفتعل من الزجر، وأصله مزتجر. فقلبت التاء دالا.
" * (حكمة بالغة) *) تامة ليس فيها نقصان وهي القرآن " * (فما تغني النذر) *) إذا كذبوهم وخالفوهم.
" * (فتول عنهم) *) نسختها آية القتال " * (يوم) *) إلى يوم " * (يدع الداعي إلى شيء نكر) *) منكر فظيع
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»