تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٧١
أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض) *) فيعلموا أنهم حيث كانوا، فإن أرضي وسمائي محيطة بهم، لا يخرجون من أقطارها، وأنا لقادر عليهم ولا يعجزونني؟
" * (إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء) *) قطعة. قراءة العامة بالنون في الثلث، وقرأ الأعمش والكسائي كلها بالياء وهو اختيار أبي عبيد قال: لذكر الله عز وجل قبله.
" * (إن في ذلك لآية لكل عبد منيب) *) تائب مقبل على ربه راجع إليه بقلبه.
(* (ولقد ءاتينا داوود منا فضلا ياجبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر فى السرد واعملوا صالحا إنى بما تعملون بصير) *) 2 قوله تعالى: " * (ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال) *) مجازه وقلنا: يا جبال " * (أوبي معه) *): سبحي معه إذا سبح. قال أبو ميسرة: هو بلسان الحبشة، وقال بعضهم: هو التفعيل من الإياب، أي ارجعي معه بالتسبيح. فهذا معنى قول قتادة وأبي عبيد، وقال وهب بن منبه: نوحي معه. " * (والطير) *) تساعدك على ذلك، قال: وكان إذا نادى بالنياحة أجابته الجبال بصداها وعكفت الطير عليه من فوقه، فصدى الجبال الذي يسمعه الناس من ذلك اليوم.
ويقال: إن داود كان إذا سبح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبح. ثم إنه قال ليلة من الليالي في نفسه: (لأعبدن الله تعالى عبادة لم يعبده أحد بمثلها)، فصعد الجبل، فلما كان في جوف الليل وهو على الجبل دخلته وحشة، فأوحى الله سبحانه إلى الجبال أن آنسي داود قال: فاصطكت الجبال بالتسبيح والتهليل، فقال داود في نفسه: (كيف يسمع صوتي مع هذه الأصوات؟) فهبط عليه ملك فأخذ بعضده حتى انتهى به إلى البحر، فركله برجله فانفرج له البحر، فانتهى به إلى الأرض فركلها برجله فانفرجت له الأرض، حتى انتهى به إلى الحوت فركلها برجله فتنحت عن صخرة فركل الصخرة برجله فانفلقت فمزجت منها دودة تنشز، فقال له الملك: إن ربك يسمع نشيز هذه الدودة في هذا الموضع.
وقال القتيبي: أصله من التأويب في السير، وهو أن يسير النهار كله وينزل ليلا.
قال ابن مقبل:
لحقنا بحي أوبوا السير بعدما دفعنا شعاع الشمس والطرف مجنح كأنه أراد ادأبي النهار كله بالتسبيح معه، وقيل: سيري معه كيف يشاء: " * (والطير) *) قراءة العامة بالنصب، وله وجهان
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»