تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٠
أمر فرق وأمرا. " * (إنا كنا مرسلين) *) محمد صلى الله عليه وسلم إلى عبادنا. " * (رحمة من ربك) *) وقيل: أنزلناه رحمة، وقيل: أرسلناه رحمة، وقيل: الرحمة.
" * (إنه هو السميع العليم رب السماوات والأرض وما بينهما) *) كسر أهل الكوفة (بائه) ردا على قوله من ربك، ورفعه الآخرون ردا على قوله " * (هو السميع العليم) *) وإن شئت على الابتداء.
" * (إن كنتم موقنين) *) إن الله " * (رب السماوات والأرض وما بينهما) *) فأيقنوا إن محمدا رسوله، وإن القرآن تنزيله. " * (لا إله إلا هو يحيى ويميت. ربكم ورب آباءكم الأولين بل هم في شك يلعبون فارتقب) *) فانتظر. " * (يوم تأتي السماء بدخان مبين) *).
اختلفوا في هذا الدخان، ما هو، ومتى هو، فروى الأعمش ومسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا، وهو مضطجع بيننا، فأتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن قاصا عند أبواب كنده، يقص ويقول في قوله تعالى: " * (يوم تأتي السماء بدخان مبين) *) إنه دخان يأتي يوم القيامة، فيأخذ بأنفاس الكفار والمنافقين وأسماعهم وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام، فقام عبد الله وجلس، وهو غضبان، فقال: يا أيها الناس اتقوا الله، من علم شيئا فليقل ما يعلم، ومن لا يعلم، فليقل الله أعلم، فأن الله تعالى، قال لنبيه صلى الله عليه وسلم " * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) *) وسأحدثكم عن ذلك: أن قريشا لما أبطأت عن الإسلام، واستعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم، فقال: (اللهم سبع سنين كسني يوسف). فأصابهم من الجهد والجوع ما أكلوا الجيف والعظام والميتة والجلود، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان من ظلمة أبصارهم من شدة الجوع، فأتاه أبو سفيان بن حرب، فقال: يا محمد إنك حيث تأمر بالطاعة وصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم فإنهم لك مطيعون.
فقال الله تعالى: فقالوا:
" * (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) *) فدعا فكشف عنهم، فقال الله تعالى: " * (إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون) *) إلى كفركم. " * (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) *) فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر، فهذه خمس قد مضين: الدخان، واللزام، والبطشة، والقمر، والروم.
وقال الآخرون: بل هو دخان يجيء قبل قيام الساعة، فيدخل في أسماع الكفار والمنافقين، حتى تكون كالرأس الحنيذ، ويعتري المؤمن منهم كهيئة الزكام، وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه وليس فيه خصاص
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»