تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٥
قال: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها. قوله: " * (ولا تبرجن) *) قال مجاهد وقتادة: التبرج التبختر التكبر والتغنج وقيل: هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال " * (تبرج الجاهلية الأولى) *) واختلفوا فيها. قال الشعبي: هي ما بين عيسى ومحمد (عليهما السلام). أبو العالية: هي زمن داود وسليمان وكانت المرأة تلبس قميصا من الدر غير مخيط الجانبين فيرى خلفها فيه.
الكلبي: الجاهلية التي هي الزمان الذي فيه ولد إبراهيم (عليه السلام)، وكانت المرأة من أهل ذلك الزمان تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره، وتعرض نفسها على الرجال، وكان ذلك في زمان نمرود الجبار، والناس حينئذ كلهم كفار. الحكم: هي ما بين آدم ونوح ثمانمائة سنة، وكان نساؤهم أقبح ما يكون من النساء ورجالهم حسان. فكانت المرأة تريد الرجل على نفسها.
وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية فقال: إن الجاهلية الأولى فيما بين نوح وإدريس (عليهما السلام)، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه، فكان يخدمه، واتخذ إبليس شيئا مثل الذي يزمر فيه الرعاء، فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله فبلغ ذلك من حولهم، فانتابوه يستمعون إليه، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج النساء للرجال وتتزين الرجال لهن، وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم، وهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم، فظهرت الفاحشة فيهن. فهو قول الله عز وجل: " * (ولا تبرجن تبرج الجهلية) *).
وقال قتادة: هي ما قبل الإسلام " * (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) *) الإثم الذي نهى الله النساء عنه. قاله مقاتل. وقال قتادة: يعني السوء. وقال ابن زيد: يعني الشيطان.
" * (أهل البيت) *) يعني يا أهل بيت محمد " * (ويطهركم تطهيرا) *) من نجاسات الجاهلية. وقال مجاهد (الرجس) الشك (ويطهركم تطهيرا) من الشرك.
واختلفوا في المعني بقوله سبحانه " * (أهل البيت) *) فقال قوم: عنى به أزواج النبي (عليه السلام) خاصة، وإنما ذكر الخطاب لأن رسول الله صلى الله عليه كان فيهم وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر.
أخبرنا عبد الله بن حامد، عن محمد بن جعفر، عن الحسن بن علي بن عفان قال: أخبرني أبو يحيى، عن صالح بن موسى عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أنزلت
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»