تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٨
ولم يقل قريبة لأن تأنيثها غير حقيقي، ومجازها الوقت، وقال الكسائي: إيتائها قريب.
" * (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها) *) ظنا منهم إنها غير جائية. " * (والذين آمنوا مشفقون منها) *) خائفون منها. " * (ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد الله لطيف بعباده) *) قال ابن عباس: حفي بهم. عكرمة: بار بهم. السدي: رقيق. مقاتل: لطيف بالبر والفاجر منهم، حيث لم يقتلهم جوعا بمعاصيهم. القرظي:) * لطيف بهم في العرض والمحاسبة.
قال الخوافي: غدا عند مولى الخلق، للخلق موقف يسألهم فيه الجليل، فيلطف بهم الصادق في الرزق من وجهين: أحدهما: إنه جعل رزقك من الطيبات، والثاني: إنه لم يدفعه إليك بمرة واحدة، وقيل: الرضا بالتضعيف. الحسين بن الفضل: في القرآن وتيسيره.
وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عاد البغدادي يقول: سئل جنيد عن اللطيف، فقال: هو الذي لطف بأوليائه حتى عرفوه، فعبدوه، ولو لطف بأعدائه لما جحدوه.
وقال محمد بن علي الكتاني: اللطيف بمن لجأ إليه من عباده إذا أيس من الخلق، توكل عليه ورجع إليه فحينئذ يقبله ويقبل عليه، وفي هذا المعنى أنشدنا أبو إسحاق الثعلبي، قال: أنشدني أبو القاسم الحبيبي. قال أنشدني أبي، قال: أنشدني أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي:
أمر بافناء القبور كأنني أخو فطنة والثوب فيه نحيف ومن شق فاه الله قدر رزقه وربي بمن يلجأ إليه لطيف وقيل: اللطيف الذي ينشر من عباده المناقب، ويستر عليه المثالب، وقيل: هو الذي يقبل القليل، ويبذل الجزيل، وقيل: هو الذي يجبر الكسير، وييسر العسير، وقيل: هو الذي لا ييأس أحد في الدنيا من رزقه، ولا ييأس مؤمن في العفو من رحمته.
وقيل: هو الذي لا يخاف إلا عدله، ولا يرجى إلا فضله، وقيل: هو الذي يبذل لعبده النعمة، فوق الهمة ويكلفه الطاعة دون الطاقة، وقيل: هو الذي لا يعاجل من عصاه ولا يخيب من رجاه، وقيل: هو الذي لا يرد سائله ولا يؤيس آمله، وقيل: هو الذي يعفو عمن يهفو، وقيل: هو الذي يرحم من لا يرحم نفسه، وقيل: هو الذي يعين على الخدمة، ثم يكثر المدحة، وقيل: هو الذي أوقد في أسرار عارفيه من المشاهدة سراجا، وجعل الصراط المستقيم لها منهاجا، وأنزل عليهم من سحائب بره ماءا ثجاجا.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»