تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٢
فأما تفسيرها أخبرنا عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه: إن أبا الفرج المعافى بن زكريا القاضي، أخبرهم عن محمد بن جرير، حدثني أحمد، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن أرطأة بن المنذر، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال له وعنده حذيفة بن اليمان: أخبرني عن تفسير قول الله تعالى: " * (حم عسق) *) قال: فأطرق ثم أعرض عنه، ثم كرر مقالته، فلم يجيبه بشيء، وكرر مقالته، ثم كرر الثالثة، فلم يجيبه شيئا، فقال له حذيفة: أنا أنبئك بها، قد عرفت لم كرهها، نزلت في رجل من أهل بيته، يقال له: عبد الاله أو عبد الله، ينزل على نهر من أنهار المشرق، يبني عليه مدينتان يشق النهر بينهما شقا، فإذا أذن الله تعالى في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم، بعث الله تعالى على إحداهما نارا ليلا، فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كلها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله تعالى بها وبهم جميعا، فذلك قوله تعالى: " * (حم عسق) *). يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء " * (حم عسق) *) عدلا منه، سين سيكون فتنة، قاف واقع بهما بهاتين المدينتين.
ونظير هذا التفسير ما أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن مخلد، حدثنا إسحاق بن بشر الكاهلي، حدثنا عمار بن سيف الضبي أبو عبد الرحمن، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي عن جرير بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة تجتمع فيها جبابرة أهل الأرض، تجبى إليها الخزائن، يخسف بها، وقال مرة: يخسف بأهلها، فلهي أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة.
وذكر عن ابن عباس إنه كان يقرأ (حم سق) بغير عين، ويقال: إن السين فيها كل فرقة كائنة، وإن القاف كل جماعة كائنة، ويقول: إن عليا إنما كان يعلم الفتن بهما، وكذلك هو في مصحف عبد الله (حم سق).
وقال عكرمة: سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله: " * (حم عسق) *).
فقال: (ح) حلمه، (م) مجده، (عين) علمه، (سين) سناه، (ق) قدرته، أقسم الله تعالى بها.
وفي رواية أبي الجوزاء إن ابن عباس، قال لنافع: (عين) فيها عذاب، (سين) فيها مسخ، (ق) فيها قذف. يدل عليه ما روي في حديث مرفوع إن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية عرفت الكآبة في وجهه، فقيل له: ما هذه الكآبة يا رسول الله؟ قال: أخبرت ببلاء ينزل في أمتي. من خسف ومسخ وقذف، ونار تحشرهم وريح تقذفهم في اليم، وآيات متتابعات متصلة بنزول عيسى (عليه السلام)، وخروج الدجال.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»