تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٩٦
مولاه أن يكاتبه فأبى عليه فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية، فكاتبه حويطب على مائة دينار ووهب له منها عشرين فأداها وقتل يوم حنين في الحرب.
وروى عن عمر أنه قال: هي عزمة من عزمات الله، من سأل الكتابة كوتب.
وقال الآخرون: هو أمر ندب واستحباب، ولا يلزم السيد مكاتبة عبده سواء بذل له قيمته أو أكثر منها أو أقل، وهو قول الشعبي والحسن البصري، وإليه ذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة وسائر الفقهاء.
وأما قوله سبحانه " * (إن علمتم فيهم خيرا) *) فاختلفوا فيه، فقال ابن عمر وابن زيد ومالك بن أنس: يعني قوة على الاحتراف والكسب لأداء ما كوتب عليه، وإليه ذهب الثوري.
وروى الوالبي عن ابن عباس قال: إن علمت أن لهم حيلة ولا يلقون مؤونتهم على المسلمين.
وقال الحسن ومجاهد والضحاك: مالا، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، واستدلوا بقوله " * (إن ترك خيرا) *).
قال الخليل: لو أراد المال لقال: إن علمتم لهم خيرا.
أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال: حدثنا هارون بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا يحيى الحماني قال: حدثنا أبو خالدالأحمر عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي عن سلمان قال: قال له عبد: كاتبني، قال: لك مال؟ قال: لا، قال: تطعمني أوساخ الناس فأبى عليه، وقال إبراهيم وعبيدة وأبو صالح وابن زيد: يعني صدقا ووفاء وأمانة، وقال طاوس وعمرو بن دينار: مالا وأمانة.
وقال الشافعي: أظهر معاني الخير في هذه الآية الاكتساب مع الأمانة، فأحب أن لا يمتنع من مكاتبته إذا كان هكذا.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن شنبة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد العزيز العثماني وأبو النضر إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: أخبرني محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة حق على الله عونهم: رجل خرج في سبيل الله سبحانه، ورجل تزوج التماس الغنى عما حرم الله عز وجل، ورجل كاتب التماس الأداء).
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»