في غير الطريق مخافة الطلب، فلما أمن ورجع إلى الطريق نزل الجحفة بين مكة والمدينة وعرف الطريق إلى مكة، فاشتاق إليها وذكر مولده ومولد آبائه، فأتاه جبريل (عليهما السلام)، فقال: أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟
قال: (نعم)، قال: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: " * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) *) إلى مكة ظاهرا عليها.
قال مقاتل: قال الضحاك: قال ابن عباس: إنما نزلت بالجحفة ليس بمكة ولا المدينة، وروي جابر عن أبي جعفر، قال: انطلقت أنا وأبي إلى أبي سعيد الخدري، فسأله عن هذه الآية: " * (لرادك إلى معاد) *)، قال: إلى الموت. وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال الحسن والزهري وعكرمة: إلى يوم القيامة، وقال أبو مالك وأبو صالح: إلى الجنة.
أخبرنا عبد الخالق بن علي، قال: أخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا عمار بن كثير، قال: أخبرنا فضيلة، عن ليث، عن مجاهد في قوله: " * (لرادك إلى معاد) *) قال: إلى الجنة.
" * (قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) *) قال بعض أهل المعاني: في الكلام تقديم وتأخير تقديره: إن الذي فرض عليك القرآن وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب لرادك إلى معاد.
" * (فلا تكونن ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك) *) وهذا حين دعا إلى دين آبائه " * (وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه) *) يعني إلا هو، عن مجاهد، الصادق: دينه، أبو العالية: إلا ما أريد به وجهه.
أخبرنا ابن شاذان، قال: أخبرنا جيعويه، قال: حدثنا صالح بن محمد، عن جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن شهر بن حوشب، عن عبادة بن الصامت، قال: يجاء بالدنيا يوم القيامة، فيقال: ميزوا ما كان لله منها، قال: فيماز ما كان لله منها، ثم يؤمر بسائرها فيلقى في النار.
وبه عن صالح، عن سليمان بن عمرو، عن سالم الأفطس، عن الحسن وسعيد بن جبير،