تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٢٨٦
" * (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير) *) أي وسخرنا الجبال والطير يسبحن مع داود إذا سبح.
قال وهب: كان داود يمر بالجبال مسبحا وهي تجاوبه وكذلك الطير.
قتادة: (يسبحن) أي يصلين معه إذا صلى.
" * (وكنا فاعلين) *) ذلك " * (وعلمناه صنعة لبوس لكم) *) اللبوس عند العرب: السلاح كله درعا كان أو جوشنا أو سيفا أو رمحا، يدل عليه قول الهذلي يصف رمحا:
ومعي لبوس للبئيس كأنه روق بجبهة ذي نعاج مجفل يريد باللبوس الرمح، وإنما عنى الله سبحانه في هذا الموضع الدرع وهو بمعنى الملبوس كالحلوب والركوب.
قال قتادة: أول من صنع الدروع داود (عليه السلام) وإنما كانت صفائح، فهو أول من سردها وحلقها.
" * (لتحصنكم) *) لتحرزكم وتمنعكم " * (من بأسكم) *) حربكم، واختلف القراء فيه، فقرأ شيبة وعاصم برواية أبي بكر، ويعقوب برواية رويس، لنحصنكم بالنون، لقوله (وعلمناه) وقرأ أبو جعفر وابن عامر وحفص وروح، بالتاء يعني الصنعة.
" * (ولسليمان) *) أي وسخرنا لسليمان " * (الريح) *) وهو هواء محرك وهو جسم لطيف يمتنع بلطفه من القبض عليه ويظهر الحسن بحركته، والريح تذكر وتؤنث.
" * (عاصفة) *) شديدة الهبوب " * (تجري بأمره إلى الارض التي باركنا فيها) *) يعني الشام وذلك أنها كانت تجري لسليمان وأصحابه إلى حيث شاء سليمان ثم تعود به إلى منزله بالشام.
قال وهب بن منبه: كان سليمان إذا خرج إلى مجلسه عكفت عليه الطير وقام له الإنس والجن حتى يجلس على سريره وكان إمرأ غزا قل ما يقعد عن الغزو، ولا يسمع في ناحية من الأرض بملك إلا أتاه حتى يذله، وكان فيما يزعمون إذا أراد الغزو أمر بمعسكره فضرب له بخشب، ثم نصب له على الخشب، ثم حمل عليه الناس والدواب وآلة الحرب كلها حتى إذا حمل معه ما يريد أمر العاصف من الريح فدخلت تحت ذلك الخشب، فاحتملته حتى إذا استقلت أمر الرخاء فمدته شهرا في روحته وشهرا في غدوته إلى حيث أراد.
قال: فذكر لي منزل بناحية دجلة مكتوب فيه كتاب كتبه بعض صحابة سليمان إما من الجن
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»