تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٧
والمكروه منهم. قال مجاهد والسدي: أراد صدور خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " * (ويذهب غيظ قلوبهم) *) كربها ووجدها بمعونة قريش نكدا عليهم.
ثم قال مستأنفا " * (ويتوب الله على من يشاء) *) يهديه للاسلام كما فعل بأبي سفيان، وعكرمة ابن أبي جهل وسهيل بن عمرو " * (والله عليم حكيم) *) وقرأ الأعرج وعيسى وابن أبي إسحاق: ويتوب على النصب على الصرف.
قوله " * (أم حسبتم) *) أظننتم، وإنما دخل الميم لأنه من الاستفهام المعترض بين الكلام فأدخلت فيه أم ليفرق بينه وبين الاستفهام والمبتدأ، واختلفوا في المخاطبين بهذه الآية: قال الضحاك عن ابن عباس قال: يعني بها قوما من المنافقين كانوا يتوسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج معه للجهاد دفاعا وتعذيرا والنفاق في قلوبهم.
وقال سائر المفسرين: الخطاب للمؤمنين حين شق على بعضهم القتال وكرهوه فأنزل الله تعالى " * (أم حسبتم أن تتركوا) *) ولا تؤمروا بالجهاد ولا تمتحنوا ليظهر الصادق من الكاذب، والمطيع من العاصي " * (ولما يعلم الله الذين) *) في تقدير الله، والألف صلة " * (جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) *) بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم، وقال قتادة وليجة: خيانة وقال الضحاك: خديعة، وقال ابن الأنباري: الوليجة قال: خيانة، والولجاء الدخلاء، وقال الليثي: خليطا وردأ.
وقال عطاء: أولياء، وقال الحسن: هي الكفر والنفاق، وقال أبو عبيدة: كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم وليجة، وأصله من الولوج ومنه سمي (الكناس) الذي يلج فيه الوحش تولجا. قال الشاعر:
من زامنها الكناس تولجا فوليجة الرجل من يختصه بدخلة منها دون الناس يقال: هو وليجتي وهم وليجتي للواحد وللجميع. وأنشد أبان بن تغلب:
فبئس الوليجة للهاربين والمعتدين وأهل الريب " * (والله خبير بما تعملون) *) قراءة العامة بالتاء متعلق بالله بقوله: " * (أم حسبتم) *) وروى الحسن عن أبي عمرو بالياء ومثله روى عن يعقوب أيضا.
" * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) *) قال ابن عباس: لما أسر أبي يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيروه بكفره بالله عز وجل وقطيعة الرحم وأغلظ علي له القول، فقال العباس:
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»