صاحب ماشية فقرب حملا سمينا من بين غنمه ولبنا وزبدا وأضمر في نفسه الرضا لله عز وجل.
وقال إسماعيل بن رافع: بلغني أن هابيل أمنح له غنمه وكان في حملتها حمل فأحبه حتى لم يكن له مال أعظم له منه وكان يحمله على ظهره فلما أمر بالقربان قربه، قال: فوضعا قربانيهما على الجبل، ثم دعا آدم (عليه السلام) فنزلت نار من السماء وأكلت الحمل والزبد واللبن، ولم تأكل من قربان قابيل حبا، لأنه لم يكن زاكي القلب. وقبل قربان هابيل لأنه كان زاكي القلب.
فما زال يرتع في الجنة حتى فدى به ابن إبراهيم فذلك قوله عز وجل " * (فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر) *) فنزلوا عن الجبل وعرفوا وغضب قابيل لما رد الله قربانه وظهر فيه الحسد والبغي وكان يضمر ذلك من نفسه، إلى أن أتى آدم مكة ليزور البيت فلما أراد أن يأتي مكة قال للسماء: احفظي ولدي بالأمانة فأبت، وقال ذلك للأرض فأبت، وللجبال فأبت، فقال: ذلك لقابيل فقبل منه وقال: نعم ترجع وترى ولدك كما يسرك، فرجع آدم وقد قتل قابيل أخاه وفي ذلك قوله " * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان) *) يعني قابيل " * (إنه كان ظلوما جهولا) *) حين حمل أمانة أبيه ثم خانه. قالوا: فلما غاب آدم أتى قابيل وهابيل وهو في غزة قال: لأقتلك. قال: ولم؟ قال: لأن الله قبل قربانك، ورد علي قرباني وتنكح أختي الحسناء، وأنكح أختك الدميمة وتحدث الناس إنك خير مني وأفضل ويفتخر ولدك على ولدي، فقال له هابيل: وما ذنبي " * (قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) *).
قال عبد الله بن عمر: أيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه يده.
وقال مجاهد: كتب عليهم في ذلك الوقت، إذا أراد رجل قتل رجل أن يتركه ولا يمتنع منه " * (إني أريد أن تبوء بأثمي وإثمك) *) يعني بإثم قتلي إلى إثمك الذي عملته قبل قتلي، هذا قول عامة المفسرين.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: معناه إني أريد أن يكون عليك خطيئتي التي عملتها أنا إذا قتلتني وإثمك فتبوء بخطيئتي ودمي جميعا " * (فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين) *) وفي هذا دليل على إنهم كانوا في ذلك الوقت مكلفين قد لحقهم الوعد والوعيد " * (فطوعت له نفسه) *) أي طاوعته وبايعته في " * (قتل أخيه) *).
وقال مجاهد: شجعت. قتادة: زينت. " * (فقتله) *)) .