تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥
ونهى الله عباده المؤمنين بأن يكونوا مثلهم وأمرهم بإخلاص النية والخشية في نصرة دينه وموأزرة نبي هصلى الله عليه وسلم " * (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) *) وكانت الزينة لهم على ما قاله ابن عباس وابن إسحاق والسدي والكلبي وغيرهم: إن قريشا لما أجمعت المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب التي بينها وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب، فكان ذلك أن يثبتهم، فجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته فتبدى في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الشاعر الكناني، وكان من أشراف كنانة.
قال الشاعر:
يا ظالمي أنى تروم ظلامتي والله من كل الحوادث خالي " * (فلما تراءت الفئتان) *) أي التقى الجمعان ورأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء وعلم أنه لا طاقة له بهم " * (نكص على عقبيه) *). قال الضحاك: ولى مدبرا. قال النضر بن شميل: رجع القهقري على قفاه هاربا، وقال قطرب وابان بن ثعلبة: رجع من حيث جاء.
قال الشاعر:
نكصتم على أعقابكم يوم جئتم وتزجون أنفال الخميس العرمرم وقال عبد الله بن رواحة: فلما رأيتم رسول الله نكصتم على أعقابكم هاربينا.
قال الكلبي: لما التقوا كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة بن كنانة آخذا بيد الحرث بن هشام، فنكص على عقبيه وقال له الحرث: يا سراقة أين؟ أتخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له " * (إني أرى ما لا ترون) *) فقال: والله ما نرى إلا جواسيس يثرب. فقال: " * (أني أخاف الله) *).
قال الحرث: فهلا كان هذا أمس، فدفع في صدر الحرث فانطلق وانهزم الناس، فلما قدموا مكة قالوا هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال بلغني أنكم تقولون أني هزمت الناس، فوالله ما شعرت حتى بلغني هزيمتكم، فقالوا أما أتيتنا في يوم كذا فحلف لهم، فلما تابوا علموا أن ذلك كان الشيطان.
وقال الحسن في قوله: (أني أرى مالا ترون) فأتى إبليس جبرئيل معتجرا بردة يمشي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده اللجام يقود الفرس ما ركب.
سمعت أبا القاسم الحبيبي سمعت أبا زكريا العنبري، سمعت أبا عبد الله محمد بن
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»