تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٥
وأعلم إن بكل موضع وجد ذكر كان موصولا بالله فإن ذلك صلح للماضي، والخبر هو المستدل، فإذا كان لغير الله فإنه يكون على خلاف هذا المعنى.
ثم نزل في الذين أنكروا البعث " * (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) *) لاشك فيه، واللام في قوله ليجمعنكم لام القسم ومعناه، والله الذي لا إلاه إلا هو أعلم منكم في الموت وفي أحيائكم إلى يوم القيامة.
وسميت القيامة قيامة، لأن الناس يقومون من قبورهم. قال الله تعالى " * (يوم يخرجون من الأجداث سراعا) *) وقيل: سميت قيامة لقيامهم إلى الحساب. قال الله تعالى: * (يوم يقوم الناس لرب العالمين) * * (ومن أصدق من الله حديثا) *) أي قولا ووعدا " * (فما لكم في المنافقين فئتين) *) الآية.
نزلت هذه الآية في ناس من قريش، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلموا فأقاموا بها ثم ندموا على ذلك وأرادوا الرجعة، فقال بعضهم لبعض: كيف نخرج؟ قالوا: نخرج كهيئة البدو فإن فطن بنا قلنا: خرجنا نتنزه، وإن غفل عنا مضينا، فخرجوا بهيئة المتنزهين، حتى باعدوا من المدينة. ثم كتبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنا على الذي فارقناك عليه من الإيمان والتصديق بالله وبرسوله، ولكنا (اجتوينا) المدينة، واشتقنا إلى أرضنا. ثم إنهم خرجوا في تجارة لهم، على الشام، فبلغ ذلك المسلمين، فقال بعضهم: ما يمنعنا أن نخرج إلى هؤلاء الذين رغبوا عن ديننا، وتركوا هجرتنا، وظاهروا على عدونا، فنقتلهم ونأخذ مالهم وقالت طائفة منهم: كيف تقتلون قوما على دينكم، إن لم يذروا ديارهم، وكان هذا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساكت لاينهى واحدا من الفريقين، حتى نزلت هذه الآية والآيات بعدها، فبين الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم شأنهم.
وقال زيد بن ثابت: نزلت في ناس رجعوا يوم أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لانقتلهم، فنزلت فيهم هذه الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي النار خبث الفضة) يعني المدينة.
وقال قتادة: ذكرهما أنهما كانا رجلين من قريش بمكة تكلما بالإسلام ولم يهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقيهما ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلين إلى مكة فقال بعضهم: إن دماءهما وأموالهما حلال، وقال بعضهم: لا، (جل ذلك منا) فأنزل الله تعالى " * (فما لكم في المنافقين) *) الآية.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»