تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٧
تكونون سواء مثل قوله تعالى: " * (ودوا لو تدهن فيدهنون) *) أي ودوا لو تدهن وودوا لو تكفرون، ومثله " * (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون) *) أي ودوا لو تغفلون وودوا لو تميلون، ثم استثنى طائفة منهم فقال " * (إلا الذين يصلون إلى قوم) *) أي يتصلون بقوم وينتسبون إليهم يقال: اتصل أي انتسب، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم (من تعزى بعزاء الجاهلية فاعضوه) أي من ادعى بدعوى الجاهلية.
قال الأعشى:
إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل وبكر سبتها والأنوف رواغم أي إذا انتسب.
ويقال: يصلون من الوصول أي يلحقون إليهم إلى قوم " * (بينكم وبينهم ميثاق) *) أي عهد وهم (الأسلميون) وذلك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وادع هلال بن عويمر الأسلمي عند خروجه إلى مكة على أن لا يعنيه ولا يعين عليه حتى أتى ويرى، ومن وصل إلى هلال من قومه أو غيرهم ولجأ إليه فلهم من الجوار مثل الذي لهلال.
الضحاك عن ابن عباس: أراد بالقوم الذين بينهم وبينكم ميثاق. بني بكر بن زيد مناة وكانوا في الصلح والهدنة وقوله " * (أو جاؤوكم حصرت صدورهم) *) أي ضاقت صدروهم عن قتالكم، وهم بنو مدلج جاءوا المؤمنين " * (أو يقاتلوا قومهم) *) يعني من آمن منهم، ويجوز أن يكون معناه إنهم لايقاتلوكم ولايقاتلون قومهم فعلم المؤمنون لا عليكم ولا عليهم ولا لكم.
وقال بعضهم: وبمعنى الواو. كأنه يقول: إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق وجاءوكم ضيقت صدورهم عن قتالكم، والقتال معكم، وهم قوم هلال الأسلميون وبني بكر بن زيد (مناة) وقوله " * (أو جاؤوكم حصرت صدورهم) *) أي قد حصرت، كقول العرب أي ذهب (نظره) يريدون قد ذهب.
قال الفراء: سمع الكسائي بعضهم يقول: أصبحت فنظرت إلى ذات (البساتين).
" * (ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم) *) يعني سلط الله المشركين على المؤمنين عقوبة ونقمة.
" * (فإن اعتزلوكم) *) عند القتال، ويقال يوم فتح مكة فهم يقاتلوكم مع قومهم " * (وألقوا إليكم السلم) *) أي المسالمة والمصالحة " * (فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) *) أي حجة في قتالهم، وعلى دينهم فأمر الله رسوله بالكف عن هؤلاء " * (ستجدون آخرين) *) غيرهم.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»