فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فيخرجون وأجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم: (عتقاء الله عز وجل)، فيقال لهم: ادخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شيء فهو لكم عندي أفضل من هذا).
قال: (فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين). قال: (فيقول: ان لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: ربنا وما أفضل من ذلك؟) قال: (فيقول: رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا).
وقال آخرون: هذا في الخبر عن ابن (...) عن عبد الله بن مسعود قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين، ثم نادى مناد من عند الله: ألا من كان يطلب مظلمة إلى أخيه فليأخذ. قال: فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده وولده أو زوجته أو أخيه، فيأخذ منه، وإن كان صغيرا، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى: " * (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون) *)، فيؤتى بالعبد وينادي مناد على رؤوس الأشهاد: الأولين والآخرين، هذا فلان بن فلان من كان له عليه حق، فليأت إلى جنبه ثم يقال له: آت هؤلاء حقوقهم. فيقول: من أين وقد ذهبت الدنيا؟ فيقول الله تعالى لملائكته: انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها، فإن بقي مثقال ذرة من حسنة، قالت الملائكة: ربنا أنت أعلم بذلك منهم، أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرة من حسنة، فيقول للملائكة: ضاعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل مني الجنة، ومصداق ذلك في كتاب الله " * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) *).
وإن كان العبد شقيا، فتقول الملائكة: إلهنا فنيت حسناته وبقيت سيئاته، وبقي طالبون كثير، فيقول عز وجل: خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكا إلى النار.
فمعنى الآية على هذا التأويل: لا يظلم، مثقال ذرة للخصم على الخصم، بل يثيبه عليها ويضاعفها له، وذلك قوله " * (وإن تك حسنة يضاعفها) *) قراءة العامة " * (حسنة) *) بالنصب على معنى: وان يكن زنة الذرة. وقرأها أهل الحجاز رفعا، بمعنى أن يقع أو يوجد حسنة، وقال المبرد: معناه وإن تك حسنة باقية يضاعفها.
وقرأ الحسن: (نضاعفها) بالنون الباقون: بالياء، وهو الصحيح؛ لقوله: " * (ويؤت من لدنه) *) وقرأ أبو رجاء وأهل المدينة يضعفها. الباقون: يضعفها وهما لغتان معناهما التكثير. وقال