وحكي عن أبي سعيد الضرير إنه قال: الأسارى: هم المقيدون المشددون والأسرى: هم المأسورون غير المقيدين. فأما قولهم تفدوهم بالمال وتنقذوهم بفدية أو بشئ آخر، وتفادوهم: تبادلوهم أراد مفاداة الأسير بالأسير، وأسرى: في محل نصب على الحال.
فأما معنى الآية قال السدي: إن الله عز وجل أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضا، ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم فأيما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام ثمنه فاعتقوه. فكانت قريظة خلفاء الأوس، والنضير خلفاء الخزرج وكانوا يقتتلون في حرب نمير. فيقاتل بنو قريظة مع حلفائهم، وبنو النضير مع حلفائهم، وإذا غلبوا خربوا ديارهم وأخرجوهم منها فإذا أسر رجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوه وإن كان الأسير من عدوهم فيعيرهم العرب بذلك وتقول: كيف يقاتلونهم ويفدونهم.. ويقولن: إنا قد أمرنا أن نفديهم وحرم علينا قتالهم. قالوا: فلم تقاتلونهم؟
قالوا: نستحي أن تستذل حلفاؤنا فذلك حين عيرهم الله تعالى فقال: " * (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم) *) الآية، وفي الآية تقديم وتأخير نظمها: وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالأثم والعدوان " * (وهو محرم عليكم إخراجهم) *) وأن يأتوكم أسارى تفدوهم.
وكان الله تعالى أخذ عليهم أربعة عهود: ترك القتل، وترك الأخراج، وترك المظاهرة عليهم مع أعدائهم وفداء أسرائهم. فأعرضوا عن كل ما أمروا إلا الفداء. فقال الله عز وجل: " * (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) *) فأيمانهم بالفداء وكفرهم بالقتل والأخراج والمظاهرة. قال مجاهد: يقول: إن وجدته في يد غيرك فديته، وأنت تقتله بيدك، وقيل: معناه يستعملون البعض ويتركون البعض، تفادون أسراء قبيلتكم وتتركون أسراء أهل ملتكم فلا تفادونهم.
قال الله عز وجل " * (فما جزاء من يفعل ذلك منكم) *) يا معشر اليهود " * (إلا خزي) *) عذاب هوان.
" * (في الحياة الدنيا) *) فكان خزي قريظة القتل والسبي، وخزي بني النضير الجلاء والنفي عن منازلهم وجنانهم إلى أذرعات وريحا من الشام.
" * (ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب) *) وهو عذاب النار وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو رجاء والحسن: تردون بالتاء، لقوله " * (أفتؤمنون) *).
" * (وما الله بغافل عما تعملون) *) بالتاء مدني وأبو بكر ويعقوب الباقون: بالتاء.
" * (أولئك الذين اشتروا) *) استبدلوا.