قال سهل في قوله: * (قالوا سلاما) * قال: صوابا من القول والسداد.
قال أبو حفص النيسابوري في قوله: * (قالوا سلاما) * قال: لم ينتقموا لأنفسهم فسلموا من غلبة الشيطان.
قال الحسن البصري: هذا دأبهم في النهار فإذا جاء الليل يكون دأبهم ما وصف الله عز وجل في عقب هذه الآية.
قال الجنيد رحمه الله في قوله: * (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) * قال: هم العباد ليس للعدو عليهم سلطان فالعبد إذا صح اسمه فهو لمولاه والله لا يتم إلا بتمام الصورة فيه ولباس الملك عليه.
قال بعضهم: صفة هؤلاء العباد وحليتهم ومولاه الفقر والعقل، وأمتهم وطاعة الله حلاوتهم، حب الله لذتهم، وإلى الله حاجتهم، والتقوى زادهم، ومع الله تجارتهم، وعليه اعتمادهم وبه انسهم وعليه توكلهم، والجوع طعامهم، والزهد ثمارهم، وحسن الخلق لباسهم، وطلاقة الوجه حليتهم، وسخاوة النفس حرفتهم وحسن المعاشرة صحبتهم، والعلم قائدهم، والصبر سائقهم، والهدى مركبهم، والقرآن حديثهم والشكر زينتهم والذكر مهمتهم، والرضا راحتهم، والقناعة مالهم، والعبادة كسبهم، والشيطان عدوهم، والدنيا مزابلهم، والحياء قميصهم، والخوف سجينهم، والنهار عزتهم، والليل فكرتهم، والحكمة سبقهم، والحق حارسهم، والحياة مرحلتهم، والموت منزلهم، والقبر حصنهم، والفردوس مسكنهم، والنظر إلى رب العالمين منيتهم، وهم خواص عباده الذين قال الله عز من قائل: * (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) *.
قال بعضهم: قرن اسم العبودية باسمه، وقرن بسمت العبودية ضوء الخليقة وأزكاها فكان حسن الخلق درجات وصدق المكابدة عبادات، والأخلاق للعبيد، والاجتهاد للعباد قرينه، والعبودية اشرف وأقرب وأروح وجلية العباد أكدوا (....) محل البدن، ومحل العبودية محل الروح، والعبادة إقامة الأمر، والعبودية الرضا بالحكم وعبادة الأحوال عبودية، وعبادة الأوقات عبادة، فالعبادة أصل، والعبودية فرع ومرتبة العبودية أقوم من مرتبة النبوة، ألا ترى النبي صلى الله عليه وسلم قال في التشهد عبده ثم قال: ورسوله والشريعة مشتملة عليهما معا، والعبادة بدنها، والعبودية روحها، والعبادة مجاهدة،